للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبيلتان رفض الانضمام إلى جيش هوازن الغازى، فحدث بذلك أول انشقاق خطير في جيش هوازن، لأن قبيلتى (كعب وكلاب) تعتبر من أهم الأجنحة العسكرية ذات القدرة القتالية والكثرة العددية بين قبائل هوازن. هذا ما شهد به الخبير العسكري المجرب (دريد بن الصمة) عندما تبلغ وهو في وادي حنين يجادل القائد العام مالك بن عوف حول الخطأ القاتل الذي ارتكبه باصطحاب الجيش نساءه وأطفاله وأمواله.

فقد سأل دريد بن الصمة (وهو ينصح مالك بن عوف بإرجاع النساء والأطفال والأموال إلى رؤوس الجبال):

- ما فعلت كعب وكلاب؟

قالوا: ليس في الجيش منهم أحد.

فقال: غاب الحد والجد، لو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب وكلاب، ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب (١).

وكان الذي منع كلابًا من حضور حنين مع هوازن، ابن أبي البراء. فقد روى الواقدي في مغازيه ج ٣ ص ٨٨٦ فقال: ولم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب، وقد كانت كلاب قريبة، فقيل لبعضهم: لم تركتها كلاب؟ فقال: أما والله إن كانت لقريبة، ولكن ابن أبي البراء مشى فنهاها عن الحضور فأطاعته، وقال: والله لو ناوأ محمدًا من بين المشرق والمغرب لظهر عليه.

ورغم انشقاق كعب وكلاب من صفوف التجمع الهوازني وتمردها على القائد العام مالك بن عوف بعدم انصياعها لأوامره وإعلانها عدم الانخراط في سلك جيشه، فإن قوة هوازن بقيت (من الناحية الحربية) قوة جبارة مرهوبه حيث انصاع عشرون ألف مقاتل من هوازن لقائدهم الشاب مالك بن عوف، يقابلهم اثنا عشر ألف مقاتل من المسلمين.


= أخو كعب بن ربيعة، قال في معجم قبائل العرب: "كانت ديارهم بحمى ضرية، وهو سمى كليب، وحمى الربذة في جهات المدينة النبوية وفدك والعوالى، ثم انتقلوا إلى الشام، فكان لهم في الجزيرة صيت، وملكوا، وقد اتخذوا في الجاهية بدومة الجندل صنمًا يدعى ودًا، ودخلوا في دين النصرانية ثم في الإسلام).
(١) البداية والنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>