للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكعبي (١) فأخبره، فاشتمل خراش على السيف ثم أقبل إليه، والناس حوله وهو يحدثهم عن قتل أحمر بأسا، فبينما هم مجتمعون عليه إذ أقبل خراش بن أمية فقال هكذا عن الرجل. فظن الناس أنه يفرّج عنه الناس لينصرفوا عنه، فانفرجوا عنه، وهنا حمل عليه خراش بن أمية بالسيف فطعنه في بطنه. وابن الأدلع مستند إلى جدار من جدران مكة، فجعلت أمعاؤه تتسايل من بطنه. وأن عينه لتبرقان في رأسه وهو يقول: قد فعلتموها يا معشر خزاعة، ثم وقع الرجل، فمات في الحال (٢).

قال الواقدي: فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله فقام خطيبًا "مستنكرًا ما حدث" وهذه الخطبة الغد من يوم الفتح بعد الظهر فقال: أيها الناس إن الله قد حرّم مكة يوم خلق السموات والأرض، ويوم خلق الشمس والقمر، ووضع هذين الجبلين، فهي حرام إلى يوم القيامة. لا يحل لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا، ولا يعضد فيها شجرًا، لم تحلّ لأحد كان قبلي، ولم تحل لأحد بعدى، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار، ثم رجعت كحرمتها بالأمس، فليبلغ شاهدكم غائبكم. فإن قال قائل: قد قَتَل فيها رسول الله فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لكم. يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل، فقد والله كثر القتل إن نفع، وقد قتلتم هذا القتيل، والله لأدينه. فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بالخيار، إن شاءوا فدم قتيلهم، وإن شاءوا فعَقْله.

وفي رواية عن جويرية بنت الحصين عن عمران بن الحصين. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لو كنت قاتلًا مؤمنًا بكافر لقتلت خراشًا بالهذلى. ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خزاعة يخرجون ديته، فكانت خزاعة أخرجت ديته، وكانت دية القتيل الهذلى الشرك مائة من الإِبل (٣).


(١) انظر ترجمة خراش بن أمية في كتابنا (صلح الحديبية).
(٢) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٤٥ ببعض التصرف.
(٣) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٤٣ - ٨٤٤ - ٨٤٥ - ٨٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>