فقد بعثت قريش (قبيل نشوب المعركة) بهذا الخائن لاستمالة قومه الأَوس من الأَنصار ليتركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وينحازوا إلى جانب المشركين.
فوقف بين الصفوف، ونادى قومه من الأَوس في معسكر المسلمين قائلًا:
"يا معشر الأَوس أنا أبو عامر الراهب"(وكان المذكور رأس الأوس وسيدهم قبل الإسلام).
ولكن قومه (الأَوس) بمجرد أن سمعوا صوته، لم يتركوا له فرصة ليسترسل في الكلام، بل أجابوه بصوت واحد:(لا مرحبًا بك ولا أهلًا يا فاسق).
فلما سمع الخائن ردهم، قال:"لقد أصاب قوي بعدي شر"، وكان هذا الخائن أبو عامر يزعم لقريش وهو بمكة، أنه مسموع الكلمة بين قومه الأوس، وأنهم بمجرد أن يروه ويسمعوا صوته سيتركون مواقعهم في الجيش الإِسلامي وينضمون إلى جيش مكة تحت قيادته هو.
وكانت قيادة مكة قد أعطت أبا عامر الراهب هذا، اللفيف
= إلى مكة" يحرضون المشركين على قتال المسلمين، ثم انضموا إلى جيش المشركين وقاتلوا المسلمين يوم أحد تحت قيادة زعيمهم أبي عامر .. ومن المفارقات العجيبة، أن لهذا الخائن (أبي عامر) ابنًا شابًّا اسمه حنظلة، كان مثلًا رائعًا في قوة الإيمان ومتانة اليقين والولاء النبيه ودينه الإسلام، فقد صادفت ليلة المعركة زفاف هذا الشاب المؤمن الذي دخل بزوجته الأولى تلك الليلة، ولكنه في الصباح عندما سمع صوت الجهاد تركها وحمل سيفه والتحق برسول الله صلى الله عليه وسلم على عجل، وقاتل معه قتال الأبطال حتى قتل، وحنظلة بن أبي عامر هذا هو المسمى غسيل الملائكة، لأنه خاض المعركة وهو جنب، إذ خرج إليها قبل أن يغتسل، استعجالًا منه لئلا يفوته الجهاد، فغسلته الملائكة كما جاء في الحديث الشريف، وكما سنفصله فيما يأتي إن شاء الله.