للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضاف إلى ذلك أن المسلمين كانوا في حالة مجاعة شديدة، والجو كان (مع ذلك في غاية البرودة).

فكان المسلمون يرابطون حول اليهود في العراء فيتعرضرون للفح البرد الشديد مع شدة الجوع، بينما بنو قريظة -وهم من أثرى سكان يثرب- يحتمون بحصونهم المنيعة الشامخة في مأمن من لفح البرد القارص، موفورًا لديهم كل ما يحتاجونه من الطعام لأشهر طويلة، كما أن الماء كان موجودًا لديهم بصفة دائمة داخل الحصون حيث كانت هذه الحصون تحتوى على آبار كثيرة.

ولكن اليهود -مع كل هذه العوامل التي توحى بقوتهم المادية التي تمكنهم من الإستمرار في المقاومة لمدة طويلة- قد انهارت أعصابهم وتحطمت معنوياتهم إلى درجة لم يحتملوا معها الحصار أكثر من خمس وعشرين ليلة.

فقد قذف الله في قلوبهم الرعب، وهم على تلك الحالة من القوة والمنعة والتحصن ووفرة السلاح وكثرة العدد، فكانوا يفكرون في كل شيء إلا استعمال السلاح للدفاع عن حصونهم.

قال اللواء الركن محمود شيت خطاب في كتابه (الرسول القائد) .. "م تكن حرب بني قريظة حرب ميدان وإنما كانت حرب أعصاب، فلم يستطع اليهود أن يتحملوا الحصار على الرغم من توفر المواد الغذائية لديهم وتوفر المياه والآبار ومناعة حصونهم وصعوبة اقتحامها، فآثروا التسليم على مكابدة الحصار.

والحق أن الموقف العسكري كان إلى جانبهم، لتلك الأسباب كلها ولشدة تعب المسلمين ولبرودة الطقس، ولكن معنوياتهم المنحطة انهارت، فلم يقاوموا طويلًا كما كان المؤمل" أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>