للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتجسدت أمامه خسة هؤلاء اليهود ونذالتهم عندما وجّهوا إلى حلفائهم المسلمين تلك الطعنة النجلاء في أحرج الساعات وأدقّ الظروف التي مرَّت بجيش محمد في تاريخه منذ نشأ.

ولم ينس سعد في ضجيج الاستعطاف الموجّه إليه من قومه بشأن حلفائهم اليهود .. لم ينس (وهو يصدر ذلك الحكم الصارم العادل على هؤلاء اليهود) أَنه قد حذَّرهم ونصحهم (بصفتهم حلفاءه) أَن يبقوا على عهدهم وأن لا يغدروا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لئلا ينتهوا إلى المصير المرعب الذي قادهم إليه أخيرًا غدرهم وخيانتهم.

فقد قال لهم سعد يوم ذاك ناصحًا ومحذرًا .. إنكم قد علمتم الذي بيننا وبينكم -من العهد- يا بني قريظة وأنا أخاف عليكم مثل يوم بني النضير أو أمرّ منه.

فكان منهم ذلك الجواب الفاحش القبيح الذي أملته نشوة الفرح بإطباق جيوش الأحزاب على المسلمين من كل جانب ونشوة الانتصار الذي تخيّلوا أنهم سيحققونه على المسلمين، حيث أفحشوا لحليفهم الناصح في القول فسّبوه سبًا مقذعًا وسبّوا رسول الله إذ قالوا لسعد (يوم نصحهم) .. أكلت أَيْر أَبيك (١)، فقال .. (وكان حليمًا هادئ الطبع عفيفًا). غير هذا من القول كان أجمل بكم - يا بني قريظة - ثم نالوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا .. من هو رسول الله؟ ؟ ، لا عهد بيننا وبين محمد (٢).


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ١٠٤.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٢٢، وقد ذَكرنا القصة مفصلة في أول الكتاب ولكنا ذكرنا هذا المقطع منها للمناسبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>