للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله إن هذا طعام تصنعه فارس، وإنا نخشى أن يكون فيه ميتة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوا فيه السكين واذكروا اسم الله.

وأهدى رجل من قضاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرسا، فأعطاه رجلا من الأنصار، وأمره أن يربطه حياله استئناسا بصهيله، فلم يزل كذلك حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ففقد صهيل الفرس، فسأل عنه صاحبه فقال: خصيته يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، اتخذوا من نسلها وباهوا بصهيلها المشركين، أعرافها أدفاؤها (١)، وأذنابها مذابها، والذي نفسي بيده، إن الشهداء ليأتون يوم القيامة بأسيافهم على عواتقهم، لا يمرون بأحد من الأنبياء إلا تنحى عنهم، حتى أنهم ليمرون بإبراهيم الخليل، خليل الله فيتنحى لهم حتى يجلسوا على منابر من نور، يقول الناس: هؤلاء الذين أَهْرَقُوا دماءهم لربّ العالمين، فيكون كذلك حتى يقضى الله عزَّ وجلَّ بين الناس.

وكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرس اسمه الظرب (بفتح الظاء وكسر الراء)، فقام إليه، وهو بتبوك فعلق عليه شعاره (٢) وجعل يمسح ظهره بردائه. قيل: يا رسول الله، تمسح ظهره بردائك؟ قال: نعم، وما يدريك؟ . لعل جبريل أمرني بذلك، مع أني قد بت الليلة، وإن الملائكة لتعاتبنى (٣) في حسن الخيل ومسحها وقال: أخبرني خليلى جبريل أنه يكتب لي بكل حَسَّةٍ أوفيتها إياه حسنة، وإن ربى عزَّ وجلَّ يحط عنى بها سيئة، وما من امرئ من المسلمين يربط فرسًا في سبيل الله فيوفيه بعليفه يلتمس به قوته إلا كتب الله له بكل حبة حسنة، وحط عنه بكل حبة سيئة، قيل: يا رسول الله، وأى الخيل خير؟ قال: أدهم (٤)، أقرح، أرثم، محجل الثلث، مطلق


(١) الأدفاء: جمع دفء، وهو ما يستدفأ به من الأوبار والأصواف.
(٢) الشعار: ما ولى الجسد من الثياب.
(٣) الحس: نفض التراب عن الدابة.
(٤) قال في البداية والنهاية: الخيل الأقرح هو ما كان في جبهته قرحة، بالضم، وهي بياض يسير في وجه الفرس دون الغرة، والأرثم الذي أنفه أبيض وشفته العلياء، والمحجل: هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>