للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن الإسلام (كما سيأتي) قد حارب الرق وجفاف منابعه وردم موارده حيث أبطل التعامل به، في جميع صوره، ما عدا نوع واحد وهو (كما قلنا) الاسترقاق الناتج عن العمليات الحربية التي يقوم بها المسلمون ضد الأعداء في حرب عادلة لا غدر فيها ولا عدوان وفي سبيل رفع راية الإسلام وحماية دعوته فقط.

أبقى الإسلام على هذا النوع من الرق الحربى (إن صحّ هذا التعبير) كإجراءٍ لا مناص منه ولا مفر (أملته ضرورة لا يملك النبي القائد المشرع عن الله الخلاص منها) لأن هذا النوع من الرق لا يأتي من جانب المسلمين وحدهم وإنما يأتي (أولًا) من جانب أقوام لا يملك الإسلام السيطرة عليهم، وليس للمسلمين من سلطان عليهم، حتى يمنعوهم من الاسترقاق .. أقوام يسترقون من يقع في أيديهم من أسرى المسلمين ويستعبدونہهم، سواءٌ كانوا رجالًا أو نساءً أو أطفالًا.

فصار استرقاق المسلمين لأسري الحرب من أَعدائهم أمرًا لا مفر منه، لأَنه معاملة حربية بالمثل لا بد منها، ومن هذا الباب استرقاق نساءِ وذراري يهود بني قريظة.

فيهود بني قريظة هؤلاء (وقد علمتم النص الصريح في كتابهم القاضي بقتل المغلوبين من رجال أَعدائهم واسترقاق نسائهم وذراريهہم) لو تمَّ لهم الظفر بالمسلمين لما صار رجالهم إلَّا إلى القتل ونساؤهم وذراريهم إلَّا إلى الاسترقاق والاستعباد.


= بغاة ظالمين، وما ظلمنا ... ولكنا سنبدأ ظالمينا
لذلك سار الإسلام على قاعدة المعاملة بالمثل حتى لا يضار من تعلقه المطلق بالحرية الكاملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>