للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولست أدرى لماذا اعتبر الدكتور جواد على أخبار المؤرخين الإسلاميين التي تقول بوجود اليهود في خيبر وكل مناطق الشمال قبل الميلاد أخبارًا غير صحيحة، وجزم بصحة روايات الإخباريين الذين قالوا: أن هجرة اليهود إلى خيبر وغيرها من المناطق إنما كان بعد الميلاد؟

إن الدكتور جواد على لم يقدم لنا دليلا قاطعًا على صحة ما ذهب إليه، سوى الافتراض والافتراض لا يكون أساسًا صحيحًا من الناحية التاريخية.

لقد قال الدكتور جواد علي: فالذي نعرفه أن فتح الرومان لفلسطين أدى إلى هجرة عدد كبير من اليهود إلى الخارج، فلا يستبعد أن يكون أجداد يهود الحجاز من نسل أولئك المهاجرين اهـ.

والحقيقة أن كل أخبار ما قبل الإسلام من تاريخ الأمم الغابرة لا يمكن الجزم بصحتها أو ببطلانها، بل هي محتملة أن تكون قد حدثت وأن لا تكون قد حدثت فهي دائما (سواء ما كان منها قبل الميلاد أو بعده) محل الافتراض، اللهم إلا ما ورد بها نص صريح في القرآن أو الحديث يؤكد صحتها.

وعليه فإنه إذا كان (كما قال الدكتور جواد علي): يحتمل أن يكون يهود خيبر وباقي المناطق هم من نسل المهاجرين الفارين من اضطهاد الرومان بعد الميلاد عام ٧٠، أو ١٢٢، فإنه يحتمل كذلك أن يكون هؤلاء اليهود هم من نسل الذين عادوا إلى الحجاز قبل الميلاد عقيب وفاة النبي موسى - عليه السلام -، وأنهم استوطنوا خيبر ويثرب وباقي المناطق قبل الميلاد كما يقول الطبري وابن إسحاق وصاحب الأغانى وكل الإخباريين الإسلاميين.

لأن الذين رووا هجرة بعض اليهود إلى الحجاز عقب خراب الهيكل بعد الميلاد، هم أنفسهم الذين رووا هجرة بعض هؤلاء اليهود عقيب وفاة النبي موسى - عليه السلام - قبل الميلاد.

وإذا كان شيوع قصة خراب الهيكل بعد الميلاد هو سند الدكتور جواد على في تصحيح ما ذهب إليه أو رجحه من أن هجرة اليهود إلى خيبر

<<  <  ج: ص:  >  >>