للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منذ العهد الذي أرسل فيه نبي الله موسى ذلك الجيش لإبادة العمالقة في منطقة يثرب وخيبر وكل أعالى الحجاز (١).

وقد جزم الدكتور جواد على الذي هو أكثر المؤرخين اعتناء بتاريخ العرب قبل الإسلام جزم في كتابه (تاريخ العرب قبل الإسلام) (٢) بعدم صحة ما تناقَله الإخباريون من أن الوجود اليهودى في خيبر وكل أعالى الحجاز يرجع إلى أواخر عهد النبي موسى - عليه السلام - قائلًا:

أما متى دخل اليهود منطقة يثرب وكيف استقروا في خيبر والمناطق الأخرى فعلم ذلك عند الله. وليس الذي يرويه أهل الأخبار عن إرسال موسى جيشًا إلى الحجاز واستقرار ذلك الجيش في يثرب بعد فتكه بالعماليق وبعد وفاة موسى، ثم ما يذكرونه من هجرة داود مع سبط يهوذا ثم عودته إلى إسرائيل (٣) .. وأمثال هذا إلا قصصًا من هذا النوع الذي ألفنا قراءته في كتب أهل الأخبار، لا أستبعد أن يكون مصدره يهود تلك المنطقة أو من أسلم منهم لإثبات أنهم ذوو نسب وحسب في هذه الأرضين قديم .. وأنهم كانوا ذوي بأس شديد، وأن تاريخهم في هذه البقعة يمتد إلى أيام الأنبياء وابتداء إسرائيل وأنهم لذلك الصفوة المختارة من العبرانيين.

غير أن الدكتور جواد على إذا كان قد نفى أن يكون اليهود قد استوطنوا خيبر ويثرب وباقي مناطق الشمال قبل الميلاد (كما يذكر المؤرخون الإسلاميون) فإنه أكد صحة أخبار استيطانهم لهذه المناطق بعد الميلاد على أثر ظهور الرومان واستيلائهم على فلسطين فقد قال في كتابه المذكور: (٤)

(أما ما ورد في روايات أهل الأخبار عن هجرة بعض اليهود إلى أطراف يثرب وأعالى الحجاز على أثر ظهور الروم في بلاد الشام وفتكهم بالعبرانيين وتنكيلهم بهم مما اضطر ذلك بعضهم إلى الفرار إلى تلك الأنحاء الآمنة البعيدة عن مجالات الروم، فإنه يستند إلى أساس تاريخي صحيح)


(١) تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٦ ص ١٠.
(٢) ج ٦ ص ٩ وما بعدها.
(٣) انظر تاريخ الطبري وكتاب الأغانى ج ١٩ ص ٩٤ وما بعدها الطبعة القديمة، ووفاء الوفاء ج ١ ص ١٦٠.
(٤) تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٦ ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>