للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهود الآخرين الذين لم ينجو من آفات الاختلاف -بل والاقتتال فيما بينهم أحيانًا-. كما أن يهود خيبر لم ينشب بينهم وبين جيرانهم العرب الوثنيين أي نزاع مسلح. مما ساهم في جعلهم أقوى قوة يهودية دخيلة في بلاد العرب.

فإذا كان يهود يثرب (مثلًا) لم يسلموا من نشوب حرب أهلية قبلية فيما بينهم فرقت وحدتهم وصدعت كيانهم، كما حدث بين بني قينقاع وبنى النضير من تخاصم وتقاتل وعداء شديد ظل أثره باقيًا بينهما حتى بعد ظهور الإسلام ومخاصمة الفريقين له.

إذا كان يهود يثرب قد تعرضوا لهذه الانشقاقات والاصطدامات الدامية فيما بينهم عبر وجودهم في يثرب .. فإن يهود خيبر لم يرو أحد من المؤرخين (فيما أعلم) أنهم تعرضوا (منذ أن وطئت أقدامهم منطقة خيبر) لشئ مما تعرض له يهود يثرب من اختلافات شديدة واصطدامات دامية.

الأمر الذي جعل يهود خيبر (طيلة وجودهم الاستعمارى) في هذه المنطقة متحدين لم تبدد شيئًا من طاقاتهم العسكرية أو وحدتهم السياسية حروب أهلية أو نزاعات قبلية كما هو الحال بالنسبة ليهود يثرب.

كما أن يهود يثرب، إذا كانوا قد تعرضوا في الفترة التي مرت على وجودهم (قبل الإسلام) لضربات عسكرية عنيفة من جيرانهم العرب كادت تقتلع وجودهم وتهدم كيانهم في يثرب كما حدث لهم في أوائل القرن الأول من الميلاد على أيدى المهاجرين اليمانيين من منطقة (مأرب) - الأوس والخزرج - الذين منذ استقرارهم في يثرب ظلوا ينازعون هؤلاء اليهود السلطان لاستئثارهم بالمناطق الزراعية الخصبة (دونهم) في المدينة. ولنظرة هؤلاء اليمانيين إلى هؤلاء اليهود كعنصر أجنبي دخيل على بلاد العرب، الأمر الذي ساعد على إشعال نار المقت في نفوس اليمانيين، حتى تمكنوا من خضد شوكتهم بمساعدة إخوتهم الغساسنة اليمانيين الذين خفوا لنجدتهم من الشام. ثم من قهرهم نهائيًا بقيادة مالك بن العجلان الذي وضع حدًّا (قبل الإسلام) لسلطان هؤلاء اليهود المطلق على يثرب.

فقد ذكر المؤرخون أن الضربة العنيفة التي أنزلها الأوس والخزرج باليهود بقيادة سيد الأوس والخزرج مالك بن العجلان (قبل الإسلام بعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>