لصفوان. فبقى على شركه عدة أسابيع. ثم أسلم فحسن إسلامه وصار من خيرة المسلمين.
ولنترك الواقدي يحدثنا كامل قصة سيد بني جمح صفوان بن أمية هذا، قال: وأما صفوان بن أمية، فهرب إلى الشعيبة معه يسار وليس معه غيره. فقال ويحك، انظر من ترى. قال: هذا عمير بن وهب، قال صفوان: ما أصنع بعمير؟ والله ما جاء إلا يريد قتلى، قد ظاهر محمدًا عليّ فلحقه، فقال: يا عمير، ما كفاك ما صنعت بي؟ حملتنى دينك وعيالك (١)، ثم جئت تريد قتلى، قال: أبا وهب، جعلت فداك، جئتك من عند أبر الناس وأوصل الناس. وقد كان عمير قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، سيد قومى خرج هاربًا ليقذف نفسه في البحر، وخاف أن لا تؤمنه، فأمنه فداك أبي وأمى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أمنته. فخرج في أثره، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمنك. فقال صفوان: لا والله، لا أرجع معك حتى تأتينى بعلامة أعرفها فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله جئتُ صفوان هاربًا يريد أن يقتل نفسه فأخبرته بما أمنته: فقال: لا أرجع حتى تأتى بعلامة أعرفها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ عمامتى. قال: فرجع عمير إليه بها وهو الرد الذي دخل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ معتجرًا به، برد حبرة، فخرج عمير في طلبه الثانية جاء بالبرد فقال: أبا وهب، جئتك من - عند خير الناس وأوصل الناس وأبر الناس، وأحلم الناس، مجده مجدك، وعزه عزك، وملكه ملكك، ابن أمك وأبيك، أذكرك الله في نفسك. قال له: أخاف أن أقتل: قال: قد دعاك إلى أن تدخل في الإسلام، فإن رضيت وإلا سيرك شهرين، فهو أوفى الناس وأبرهم، وقد بعث إليك ببرده الذي دخل به معتجرًا، تعرفه؟ قال: نعم فأخرجه، فقال: نعم، هو هو فرجع صفوان حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلى بالمسلمين العصر بالمسجد، فوقفا، فقال
(١) يشير بذلك إلى أنه تحمل دين عمير والصرف على بناته السبع مقابل أن يقوم باغتيال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكنه لم يفعل (انظر تفاصيل محاولة الاغتيال هذه في كتابنا غزوة بدر الكبرى).