يوم بدر، كما قتلوا أيضًا أبيّ بن خَلَف في أحد: طعنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحربة - وكان الخبيث يطارد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أثناء انسحابه - إلى الجبل - فمات أي متأثرًا نجراحه بسَرَف قريبًا من مكة.
ولم يكن الزعيم صفوان بن أمية من المطلوبين العشرة الذين أهدر الرسول - صلى الله عليه وسلم - دمهم. إلا أنه لشعوره بعظيم ما كان يرتكب من آثام في الجاهلية في حَق النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطمئن على حياته، فخافَ القتل، فهرب من مكَّة يوم الفتح في اتجاه البحر الأحمر ناحية "جدةَ" يريد ركوب البحر. وكان يصحبه غلام له يقال له يسار، ليس معه غيره.
وقد وصل بصفوان بن أمية الهرب إلى ميناء على البحر الأحمر يقال له "الشُعيَبة"(١) بالقرب من جدة، وكان يهم وغلامه بركوب البحر. وبيما هو كذلك إذا بصديقه عمير بن وهب الجمحى قد لحق به حيث هو في ميناء الشعيبة. فخاف صفوان من عمير، وظن أنه إنما جاء ليقتله بينما عمير لم يأت إلا ليعيد صفوان إلى أهله في مكة آمنا بأمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكان عمير بن وهب الجمحى من السابقين في الإِسلام، ومن أصحاب الرسول المقربين. وكان حريصا على سلامة صفوان بن أمية وطامعًا في إسلامه.
فكلم عُمير النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفوان وطلب له الأمان. فأعطاه الرسول الأمان لصفوان، لذلك لحق عمير بصفوان في الشعيبة، وأخبره أنه حصل له على الأمان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنه بإمكانه العودة إلى مكة حُرًّا آمنا، ولكن صفوان لم يطمئن وأبلغ عمير بن وهب بأنه لن يعود إلى مكة ولن يطمئن إلا إذا أتاه بعلامة من الرسول يعرفها.
فاضطر عمير بن وهب إلى أن يعود إلى مكة مرة أخرى ليأتى لصفوان بعلامة الأمان وهي عمامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، التي عاد بها عمير إلى صفوان في الشعيبة، وهنا اطمأن صفوان وعاد إلى مكة. وترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحرية
(١) الشعبية (بضم الشين) قال ياقوت .. مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز وهو كان مرفأ مكة ومرمى سفنها قبل جدة.