للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية صحيحة أخرى عن أبي وائل: قال: لما كان يوم حنين آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - ناسًا، أعطى الأقرع بن حابس مائة من الإِبل وأعطى عيينة مثل ذلك وأعطى ناسًا، فقال رجل: ما أريد بهذه القسمة وجه الله. فلما بلغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قول ذلك المنحرف. قال - صلى الله عليه وسلم -: رحم الله موسى قد أوذى بأكثر من هذا فصبر (١).

وفي روايات أخرى صحيحة، يدعم بعضها بعضًا أن رجلًا من بني تميم يقال له ذو الخويصرة، وقف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعطى الناس (من الغنائم) فقال له: يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أجل فكيف رأيت؟ . قال لم أرك عدلت. قال: فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ . فقال عمر بن الخطاب: ألا نقتله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية (٢)، ينظر في النصل (٣) فلا يوجد شيء، ثم في القدح (٤) فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم (٥).

ومن طريق آخر عن جابر بن عبد الله. قال: أتى رجل بالجعرانة النبي - صلى الله عليه وسلم - منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبض منها ويعطى الناس، فقال (الرجل): يا محمد إِعدل، قال: ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل، لقد خبتُ وخسرتُ إذا لم أكن أعدل. فقال عمر بن الخطاب: دعنى يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: معاذ الله أن تتحدث الناس أنى أقتل أصحابي، إنَّ هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وفي رواية أخرى في الصحيحين من حديث الزهري عن أبي سعيد عن أبي سلمة. قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم قسمًا (أي بالجعرانة) إذ أتاه ذو الخويصرة، رجل من بني تميم. فقال: يا رسول الله إعدل، فقال رسول الله


(١) صحيح البخاري ج ٥ ص ٢٠٢.
(٢) الرمية بكسر الراء: الشيء الذي يرمى به.
(٣) النصل: حديد السهم.
(٤) القدح: بكسر القاف وسكون الدال: السهم.
(٥) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٣٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>