للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل مكة، أثنى الله تعالى بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١) {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (٢).

فكان الأنصار (كما سمّاهم الله تعالى) أنصار رسوله الريئسيين في كل موقف، وكانوا لكثرة عددهم وشدة بأسهم في الحرب - مركز الثقل في أي جيش يقوده الرسول - صلى الله عليه وسلم - .. ففي معركة بدر الكبرى التي دخل المسلمون بعدها التاريخ من أوسع أبوابه، كان جيش الإِسلام كله ثلاثمائة وثمانية عشر مقاتلًا، بينهم من الأنصار وحدهم، حوالي مائتين وثلاثين محاربًا.

وفي جيش الفتح الذي فتح الله به مكة المكرمة والذي هو عشرة آلاف مقاتل والمكوَّن من أكثر من عشرين قبيلة. كانت قبيلة الأنصار وحدها تشكل نصف هذا الجيش (تقريبًا) حيث كان عددهم وحدهم فيه أربعة آلاف مقاتل.

وفي معركة حنين الحاسمة وعندما انهزم الجيش في المرحلة الأولى من القتال. إنما ناشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما ناشد المسلمين الرجوع إلى ساحة الشرف -أول ما ناشد الأنصار فعادوا إلى الميدان وصاروا القطب الذي دارت رحى هذه المعركة الفاصلة التي انتهت بنصر المسلمين الساحق على مشركى هوازن.

الأنصار الكرام هؤلاء قد عبّروا عن استيائهم للعطايا الجزيلة التي أعطيت من غنائم حنين لبعض زعماء القبائل الحديثى العهد بالإِسلام والذين لم يمض على إسلام بعضهم (كأهل مكة) أكثر من شهر. والذين أعطى كل واحد منهم مائة من الإبل وذلك من الرسول الهادي الذي لا مكان لحب الدنيا في قلبه- بدافع الحرص على تألف قلوبهم وجذبهم نحو الإِسلام كما بيَّن هذا الدافع فيما بعد للأنصار عندما قالوا ما قالوا حول هذا الموضوع.

فقد ذكر المؤرخون وأصحاب الحديث كالبخارى ومسلم. أن الأنصار لما


(١) الحشر ٩.
(٢) الأنفال ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>