للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - العطاء من الغنائم لزعماء القبائل من الأعراب ومن أهل مكة. صدر عنهم ما يمكن تسميته عتابًا للرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -.

ولما بلغ هذا العتاب إلى مسامع الرسول - صلى الله عليه وسلم - تأثر له كثيرًا حتى بدا عليه الغضب واضحًا. وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحب الأنصار كثيرًا. لذلك استدعى زعماءهم وأجرى بينه وبينهم حوارًا مفتوحًا صريحًا حول ما قالوه، وحول ما كان السبب في عتابهم للذي صنع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من إجزاله العطاء للمؤلفة قلوبهم.

وقد شرح الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأحبابه الأنصار وجهة نظره والأسباب التي يجزل العطاء لهؤلاء المؤلفة قلوبهم من زعماء مكة وزعماء القبائل الأخرى. فاقتنع الأنصار في تأثر بلغ حد البكاء - بشرح وإيضاح الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حتى أعلنوا رضاهم بما صنع.

فقد ذكر رواة الحديث وأصحاب المغازي والسير تفاصيل قصة العتاب هذه، فذكروا أن الأنصار الذين لم تكن حصة جندى المشاة منهم من غنائم حنين أكثر من أربع من الإِبل، بينما حصل مثل عيينة بن حصن وأبي سفيان بن حرب وصفوان بن أمية والأقرع بن حابس، كل واحد منهم على مائة من الإِبل ولم تكن لهم أية سابقة في نصر الإِسلام.

ذكر رواة الحديث وأصحاب السير أن مما قاله الأنصار في عتابهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا الصدد: (لقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه أما حين القتال فنحن أصحابه، وأما حين القسم (أي قسم الغنائم) .. فقومه وعشيرته .. وددنا أن نعلم ممن كان هذا .. إن كان هذا من الله صبرنا، وإن كان هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعتبناه (١).

وقال آخرون من الأنصار حين طفق الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعطى رجالًا المائة من الإِبل: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يعطى قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم (٢).


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٥٦ - ٩٥٧ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٧.
(٢) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٦ من حديث صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>