للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وازدرد لقمة، وتناول بشر بن البراء (١) عظمًا فأكل منه لقمة أيضًا، وفجأة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بأن يتوقفوا عن أكل قائلًا: كفوا أيديكم فإن هذه الذراع تخبرنى أنها مسمومة، فقال بشر: والذي أكرمك لقد وجدت ذلك من أكلتى التي أكلتها فما منعنى أن ألفظها إلا كراهية أن أنَغِّص عليك طعامك فلما تسوغت ما في يدك لم أرغب بنفسي عن نفسك.

أما بشر فلم يقم من مكانه حتى تحول لونه أسود من شدة تأثير السم وظل يعاني من وجعه طيلة سنة كاملة مشلولًا حتى مات متأثرًا بهذا السم.

وكان بعض الصحابة قد أكلوا شيئًا من هذه الشاة أيضًا، لذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من أكل شيئًا من هذه الشاة أن يحتجم كما احتجم - صلى الله عليه وسلم - نفسه على كاهله كعملية لتخفيف تأثير السم.

ويقول ابن القيم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ظل يعافى من تأثير هذا السم طيلة أربع سنوات حتى توفاه الله تعالى.

وقد روى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في وجعه الذي مات فيه: (مازلت أجد -أي أتألم- من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر، لهذا أوان انقطاع الأبهر منى)، قال الزهري: فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهيدًا.

وعلى أثر ما حدث أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإحضار زينب اليهودية لاستجوابها.

ولدى التحقيق معها اعترفت بأنها سمّت الشاة قاصدة بذلك قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولما سألها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت بكل صراحة: لقد بلغت من قومى ما لا يخفى عليك قتلت زوجى وأبي وعمّى، فقلت: إن كان نبيًّا فسيخبره الله، وإن كان ملكًا استرحنا منه؛ فعفى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - ...


(١) هو بشر بن البرء بن معرور الأنصاري. شهد بيعة العقبة مع أبيه، وشارك في معركة بدر وكل المعارك إلى جانب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، جعله رسول - صلى الله عليه وسلم - سيدًا على قومه بني نضلة. فقد جاء في كتاب الجود من طريق ابن شهاب الزهري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من سيدكم يا بني نضلة؟ قالوا: جد بن قيس، قال: وبم تسودونه؟ فقالوا: إنه أكثرنا مالًا وإنا على ذلك لنزنه بالبخل، قال: وأى داء أدوى من البخل؟ ليس ذا سيدكم، قالوا: فمن سيدنا؟ قال: بشر بن البراء بن معرور.

<<  <  ج: ص:  >  >>