للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد بركت ناقته (القَصْوى) وكانت من أَجود النوق المطاويع .. . بركت القصوى مكانها بالقرب من حدود الحرم، ولم تنهض من مبركها بالرغم من محاولة إنهاضها، فظن الناس أنها تعبت فعجزت، فقالوا: خلأَت القصوى (أي حرنت) (١)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما خلأَت وما هو لها بخُلُق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة. ثم قال - صلى الله عليه وسلم - (بعد أَن أَدرك ما لم يدركه غيره): والذي نفس محمد بيده لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها (٢)، رواية: لا يسألوني (أي قريش) اليوم خطة فيها تعظيم حرمات الله تعالى إلا أعطيتهم إياها (٣).

وهذا إِعلان صريح من النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بأنه مستعد (من أجل حقن الدماء ي الحرم) للتفاوض مع قريش إلى أَبعد الحدود، وأنه سيبذل كل ما في وسعه للحيلولة دون إراقة الدماء ما وجد إلى ذلك سبيلا.

ثم زجر ناقته فقامت، فعاد بها راجعًا عوده على بدئه (٤) آمرًا أصحابه بالنزول في الحديبية، وقرّر عدم اجتياز حدود الحرم وأَصدر بذلك أمرًا حتى إشعار آخر.

فأطاع أصحابه (وعددهم أَلف وأَربعمائة) أوامره فنزلوا على بئر في الحديبية، ويظهر أنها البئر التي يراها اليوم الذاهب إلى على يمينه بالقرب من أعلام الحرم في الشميسي.


(١) أي استعصت ولم تقم من مبركها، وهو عيب في الإبل.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣١٠.
(٣) الواقدي ج ٢ ص ٥٨٧.
(٤) انظر مغازي الواقدي ج ٢ ص ٥٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>