للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وعبد الله بن أبي أمية، فطلبنا الدخول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يدخلنا عليه. فكلمته زوجته أمّ سَلمَة فقالت: يا رسول الله، صهرك وابن عمتك وابن عمك وأخوك من الرضاعة.

وقد جاء الله بهما مسلمين، لا يكونان أشقى الناس بك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا حاجة لي بهما، أما أخي فالقائل لي بمكة، لن يؤمن لي حتى أرقى في السماء! . فقالت يا رسول الله، إنما هو من قومك، وقد تكلم وكلُّ قريش قد تكلم ونزل القرآن فيه بعينه، وقد عفوت عمن هو أعظم جُرما، وابن عمك وقرابته بك، وأنت أحق الناس عفوًا عن جُرمه. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هو الذي هتك عرضى (يعني شتمني وهجاني) وكان أبو سفيان شاعرا يهجو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحرض عليه".

فلما خرج إليهما الخبر. قال أبو سفيان بن الحارث ومعه ابنه: والله ليقبلني أو لأخذت بيد ابنى هذا فلأذهبن في الأرض حتى أهلك عطشًا وجوعًا، وأنت (يعني الرسول - صلى الله عليه وسلم -) أحلم الناس وأكرم الناس مع رحِمي بك. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته فرَق له.

أما عبد الله بني أبي أمية. فقد قال للرسول - صلى الله عليه وسلم - -مسترحما-: إنما جمتك لأصدقك، ولي من القرابة والصهر بك. وجعلت أمّ سلمة تكلمه فيهما، فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهما فأذن لهما ودخلا, فأسلما وكانا جميعا حسنى الإسلام. قتل عبد الله بن أبي أمية بالطائف شهيدًا، ومات أبو سفيان بن الحارث بالمدينة في خلافة عمر، لم يُغمصَ عليه في شيء.

وبعد أن قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان وزميله عبد الله بن أبي ربيعة وعفا عنهما. قال أبو سفيان شعرا يذكر إسلامه ويعتذر فيه مما كان منه في الماضي. وكان شاعرًا مجيدًا:

لعَمرك إني يوم أحمل راية ... لتغلب خيل اللات خيل محمد

لكالمدْلج الحيران أظلم ليلُه ... فهذا أوانى حين أهدى وأهتدى

<<  <  ج: ص:  >  >>