للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهاجرين والأنصار وتذيع نشرات شفوية بين صفوف الجيش عن عظمة وقوة الجيش الروماني فتصور في نشراتها هذا الجيش الروماني وكأنه جيش لا يقهر، حتى يبدو، وكأن هذه العناصر المنافقة المشبوهة جهاز استخبارات سرى مكلف من قبل قيادة الرومان بإذاعة ما تذيعه عن عظمة الجيش الروماني، كما أن هذه العناصر المدسوسة، تحاول بما تذيع من إرجاف، إضعاف ثقة الجيش الإِسلامي في نفسه، وذلك بقصد إحلال روح الهزيمة محل هذه الثقة التي يمتاز بها جيش الإِسلام دائمًا.

فقد ذكر أصحاب الحديث والمغازى ذلك، فقالوا: كان رهط من المنافقين يسيرون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبوك، منهم وديعة بن ثابت، أحد بني عمرو بن عوف، والجلاس بن سويد بن الصامت، ومخشى بن حمير من أشجع، حليف لبنى سلمة، وثعلبة بن حاطب. فقال: تحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال -إرجافًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترهيبًا للمسلمين- وقال وديعة بن ثابت -مستهزئًا بخيرة أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما لي أرى قرّاءنا هؤلاء أوعبنا بطونًا وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء؟ وقال الجلاس بن سويد، وكان زوج أم عمير، وكان ابنها عمير يتيمًا في حجره: هؤلاء سادتنا وأشرافنا وأهل الفضل منا، والله لئن كان محمد صادقًا لنحن شر من الحمير، والله لوددت أنى أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وأنا ننفلت من أن ينزل فينا القرآن بمقالتكم.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمار بن ياسر: أدرك القوم فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قد قلتم كذا وكذا، فذهب إليهم عمار فقال لهم: فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه. فقال وديعة بن ثابت، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته، -وقد أخذ بحقب ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجلاه تنسفان الحجارة وهو يقول-: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، ولم يلتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>