حرة بين الفريقين. . ولهذا أُطلق فيما بعد على هذا الصلح اسم الفتح العظيم.
قال ابن إسحاق؛ عن الزهري: ما فتح في الإِسلام فتح قبل صلح الحديبية كان أَعظم منه. . إِنما كان القتال حيث التقى الناس، فلما كانت الهدنة هدنة الحديبية" ووضعت الحرب وأَمن الناس بعضهم بعضًا، والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يكلم أَحد بالإِسلام يعقل شيئًا إِلا دخل فيه. . ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإِسلام قبل ذلك أَو أَكثر (١).
فقد أَتاح هذا الاختلاط والتعارف للمشركين، أَن يروا هذا الجيل - جيل الإِسلام - على حقيقته.
فقد دهش المشركون لهذا التحول السريع العجيب في المسلمين الذين تحولَّوا من كل شيء - كانوا عليه أَيام شركهم - إِلى ضده.
لقد كانوا - قبل أَيام قليلة - مثل هؤلاءِ المشركين، تحكمهم الفوضى وتستبد بهم رغبات الجسد. عبدة أَصنام. . منتهكي حرمات. . مرتكبي جرائم، لا فرق بينهم وبين الحيوان السائم.
ولكنهم اليوم أَصبحوا يتفوقون عليهم في كل شيء. . يتفوّقون عليهم في الصدق والوفاءِ والطاعة والتقيّد بالنظام، وبالجملة أَصبحوا خلقًا جديدًا يتحلون بفضائل ومحاسن ما كان للمجتمع القرشي بها من عهد. . كانت محل دهشة هؤلاءِ المشركين القرشيين وتساؤلهم! ! .
ترى ما هو السر الذي قفز بهؤلاءِ المسلمين إِلى هذه المنزلة الرفيعة