من الموت على الأقل. وهذا هو الذي كان قومه الأوس يطمعون فيه عندما اغتبطوا بتفويضه في أمر حلفائهم اليهود، وتقدموا إليه يلتمسون منه تخفيف الحكم عليهم.
وكان اليهود من جانبهم (كذلك) يطمعون في أن تشفع لهم عند سيد حلفائهم سعد بن معاذ، رابطة الحلف القديمة التي بينهم وبين الأوس، ولذلك أكثر زعماء قومه من الرجاء لديه لكي يتساهل في الحكم عليهم.
ولكن سعدًا لم ينس في زحمة موجات الرجاء الموجه إليه من قومه الأوس، أن الإسلام وكل المنتسبين إلى الإسلام، وأن المدينة، وما في المدينة من أعراض وحرمات وثمار وحرث ونسل، وكل كيان الإسلام الدينى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى كان قاب قوسين أو أدنى من التدمير والتخريب بسبب غدر هؤلاء اليهود ونقضهم العهد وأنه لم ينج إلا بمعجزة خارقة، ولو لم تحدث لانتهى الكيان الإسلامي إلى الأبد.
ولم ينس سعد في ضجيج الرجاء الموجّه إليه من قومه أن هؤلاء اليهود لو تم لهم وللأحزاب النصر على المسلمين لما تورعوا عن استئصال شأفة المسلمين وهتك أعراضهم وتخريب ديارهم وتدمير كيانه، كما هو الإتفاق بينهم وبين قيادة الأحزاب عندما طلبت منهم هذه القيادة الغدر بالمسلمين ونقض عهدهم. لذلك لم يلبث سعد أن قال قولته الخالدة تلك لقومه، وقد جاءوا يشفعون لحلفائهم اليهود ..
(لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم)، ثم أصدر ذلك الحكم