للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقيام بالالتزامات العسكرية التي عليهم والتي تفرض القيام بها نصوص تلك العاهدة.

وهؤلاءِ اليهود لم يسلكوا هذا المسلك الوضيع المنحط إلّا وقد تكوَّن لديهم ما يشبه اليقين بأنهم - بمساعدة الأحزاب - قادرون على تدمير الكيان الإِسلامي تدميرًا كاملًا, واستئصال شأفة المسلمين استئصالًا كلّيًا، ولهذا لم يترددوا في الغدر بحلفائهم المسلمين وعلى تلك الصورة الفظيعة البشعة.

وعلم الله لو أَن هؤلا اليهود قد ظفروا بالمسلمين، وتمكنوا -بمساعدة الغزاة- من احتلال المدينة لما تردَّدوا لحظة في الوصول بالمسلمين إلى أَقسى مما وصل المسلمون بهم إليه، ولا أدلَّ على ذلك من أَن هؤلاءِ اليهود قد اتفقوا مع قادة جيوش الأحزاب على أن لا ينصرفوا بجيوشهم عن المدينة إلا بعد القضاءِ على المسلمين وسحقهم سحقًا كاملًا, وذلك كشرط أَساسي لانضمام هؤلاء اليهود إلى الأَحزاب ضد المسلمين وإعلانهم نقض العهد الذي بينهم.

بل لحرص هؤلاءِ اليهود على استئصال شأفة المسلمين وحرصهم على إبادتهم إبادة كاملة، طلبوا من القيادة المشتركة للأحزاب أن يسلموا إِليهم رهائن من أَبنائهم سبعين شابًّا ليضمنوا أن جيوش الأَحزاب لن تنسحب من منطقة المدينة إلَّا بعد أن تفرغ من المسلمين وتقضى عليهم قضاءً تامًّا (١).

فهل بعد هذا الصنيع الذي صنعه اليهود مع سبق الإصرار، والذي لم يُقدموا عليه إلا بعد درس وتخطيط وخبث نية مبيتة،


(١) انظر السيرة الحلبية ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>