للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنظرة فاحصة مجرَّدة عن الهوى، إلى بنود هذه المعاهدة، ووقفة عدل وإنصاف وتدبر ومقارنة، عند أَعمال الغدر والخيانة العظمى التي قام بها يهود بني قريظة ضد المسلمين في تلك الظروف الحربية العصيبة التي كانت فيها المدينة (بأعراضها وأرواحها وحرثها ونسلها وكل ما يرتبط فيها بالمسلمين) في مهب العاصفة .. نعم نظرة فاحصة مجردة ووقفة عادلة، منصفة عند هذه الأعمال الخطيرة التي أقدم عليها يهود بني قريظة ضد مواطنيهم وحلفائهم المسلمين, تجعل من الصعب على أيّ إنسان يحترم نفسه ولا يخضع لحكم العاطفة والهوى، أن ينكر شناعة الجريمة الكبرى وبشاعة الخيانة العظمى التي ارتكبها هؤلاء اليهود في حق وطنهم ومواطنيهم.

كما أنه (أيضًا) من الصعب على أي إنسان يحترم نفسه، ويتمتع بكامل السيطرة على تفكيره وعقله، أن يزعم أن الحكم الذي صدر ونفذ بحق هؤلاء اليهود المجرمين، فيه شيء يتنافى مع قواعد العدل ومبادى الإنسانية وأُسس القانون الدولى العام.

لقد كان اليهود بحكم وجودهم في منطقة يثرب وبحكم استيطانهم مع العرب في هذه المنطقة منذ مئات السنين ثم بحكم المعاهدة المعقودة بينهم وبين المسلمين التي بموجبها ارتضوا أن يكونوا أمة مع المسلمين وارتضوا البقاء في ظل الدولة القائمة بعد الاعتراف بها وارتضائهم وإعلانهم بأنهم جزءٌ لا يتجزأ من مواطنيها .. نعم بحكم ذلك كله أَصبح يهود بني قريظة مواطنين يثربيين يلزمهم (في ظل الدولة القائمة) الدفاع عن هذه المنطقة، ويترتب عليهم من الأحكام والالتزامات ما يترتب على أي مواطن في هذا العصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>