على جيش الإسلام الصغير. . بل وما كانوا يشكون لحظة في تحقيق هذا النصر. . لأَن كل شيء ماديّ يشير على نحو ساحق بأَن الأَحزاب الوثنية ومحزبيها من اليهود سيكونون هم المنتصرين في المعركة.
ولكن الأَمر جاء على خلاف ما يتوقع ويتمنَى هؤلاء الأَعراب الوثنيون حيث كتب الله الفشل الذريع لمشروع الغزو اليهودي الكبير فاندحرت جيوش الأَحزاب الجرارة، وعادت إلى نجد ومكة تجر أذيال الهزيمة والعار، بعد أن فشلت (أَمام القلة المسلمة الجبارة) في اقتحام المدينة. . فانتصر المسلمون انتصارًا عظيمًا لم يحققوا مثله في عهد النبوة (بالنسبة لقلتهم وكثرة عدوهم)، ووقع اليهود في عملهم السيء، فتم إعدام ثمانمائة من خونة بني قريظة وعلى رأْسهم محزِّب الأحزاب ورأس الفتنة والشر (حيّي بن أخطب النضري) وفر إلى خبير مرعوبًا زميله في الخيانة والتآمر (سلام بن أَبي الحقيق) الذي تمكن خمسة من الفدائيين الأَنصار من قتله وهو على فراش نومه في رأْس حصنه كما سيأْتي تفصيله.
وبهذا انقلب ميزان القوى في جزيرة العرب انقلابًا خطيرًا لصالح معسكر الإسلام وبصورة جعلت القائد الأَعلى لهذا المعسكر (النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -) يشدد من قبضته على دفة القيادة للجزيرة العربية بأكملها. . الأَمر الذي ما كانت تتخيّل (سوى حدوث عكسه) أحزاب الوثنية والكفر، عندما كانت لها قوات ضاربة مؤلفة من أحد عشر ألفًا) تحاصر المدينة التي لم يبلغ الجيش المدافع عنها أكثر من ألف مقاتل.