ولم يكتف بهذا - صلى الله عليه وسلم - بل بحث (مع وفد جُذام) موضوع القتلى منهم الذي صرعوا بسيوف رجال حملة زيد بن حارثة قائلًا: (كيف أصنع بالقتلى؟ ؟ ).
فقال له أَحد سادات جذام المشكَّل منهم الوفد وهو (أَبو زيد بن عمرو): أَطلق لنا يا رسول الله من كان حيا، ومن قُتل فهو تحت قدمي هاتين.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق أَبو زيد.
ثم استدعى - صلى الله عليه وسلم - علي بن لأَبي طالب، وأَمره بأَن يكون مبعوثه الخاص إِلى قائد الحملة زيد بن حارثة ليبلغه أَمره - صلى الله عليه وسلم - بأَن يرد على القوم كل ما أَخذ منهم في غارته من أَموال وسبايا وأَسرى، وكانت شيئًا عظيمًا كما تقدم.
فقال علي: يا رسول الله إنَّ زيدًا لا يطيعني. فقال - صلى الله عليه وسلم -: خذ سيفي هذا (أَي كعلامة).
فانطلق علي ومعه زيد بن رفاعة وباقي أَعضاء الوفد الجُذامي نحو الشمال، ليبلغ القائد زيدًا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقى (وهو في طريقه) رافع بن مكيث الجُهني (١) على ناقة من إِبل القوم، أَرسله القائد زيد بشيرًا بالنصر، فأَخذ الناقة منه وردَّها على القوم وأَردف البشير خلفه ثم واصل سيره حتى لقى القائد زيدًا وحملته العسكرية ومعهم تلك
(١) هو رافع بن مكيث (بفتح أوله وكسر ثانيه) الجهني، قال ابن حجر في الإصابة شهد بيعة الرضوان، وكان يوم فتح مكة يحمل لواء جهينة استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه، شهد الجابية في الشام مع الخليفة عمر.