للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد عَدَوا على اللقاح التي غذاهم لبنها وأَسمنهم فاستاقوها وحاولوا الهرب بها إلى ديارهم، فأَدركهم يسار (١) مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لاسترجاع اللقاح منهم (ومعه نفر قليل) فقاتلهم فتغلبوا عليه وعلى رجاله حتى قتلوه، وقطعوا يده ورجله، وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه.

ولما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - نبأَ هـہذا الحادث الفظيع انتخب عشرين فارسًا من أَصحابه وأَسند قيادتهم لكرز بن جابر الفهري، وأَمرهم بمطاردة العرينيين وإِلقاءِ القبض عليهم، فأَدركوهم، ثم أَلقوا عليهم القبض بعد أَن أَحاطوا بهم، ثم ربطوهم وأَردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - موجودًا بالغابة فخرجوا بهم إليه لاتخاذ ما يراه من إِجراءٍ ضدهم، فالتقوا به - صلى الله عليه وسلم - بالزغابة (مجمع الأَسيال) في ضواحي المدينة.

وبعد أَن أُجرى التحقيق معهم ثبتت إِدانتهم، فأَصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حكمًا صارمًا ضدَّهم ليكونوا عبرة لغيرهم .. إِذ أَمر بهم فقطِّعت أَيديهم وأَرجلهم وسمل أَعينهم (٢) ثم أُمر بهم فصلبوا هناك.

ويقول ابن سعد: وفي ذلك أَنزل الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} الآية.

فلم يسمل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك عينًا.


(١) هو يسار النوبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حديث سلمة بن الأكوع أخرجه الطبراني. قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلام يقال له يسار فنظر إليه يحسن الصلاة فأعتقه، وبعثه في لقاح له بالحرة، وذكر قصة مقتله (انظر الإصابة ج ٣ ص ٦٢٨).
(٢) سمل عينه: فقأها.

<<  <  ج: ص:  >  >>