للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحت فنوَّهت بنا (١) وابتدرناه وهو على فراشه بأسيافنا فوالله ما يدُلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه كأنه قبطية (٢) ملقاه.

قال: ولما صاحت بنا امرأته جعل الرجل منا يرفع سيفه ثم يذكر نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣) فيكفّ يده، ولولا ذلك لفرغنا منها بليل، أي لقتلناها.

قال: فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عليه عبد الله بن أنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه وهو يقول: (قطني, قطني) أي: حسبي حسبي، قال فخرجنا، وكان عبد الله بن عتيك رجلًا سيء البصر، قال: فوقع من الدرجة فوثبت يده وثبًا شديدًا - ويقال - رجله فيما قال ابن هشام - وحملناه حتى نأتي منهرًا (٤) من عيونهہم فندخل فيه.

قال: فأوقدوا النيران واشتدوا في كل وجه يطلبوننا، قال: حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه وهو يقضي بينهم.

قال: فقلنا: كيف لنا بأن نعلم بأن عدو الله قد مات؟ .

قال: فقال رجل منا: أنا أذهب فأنظر لكم. فانطلق حتى دخل في الناس, قال فوجدت امرأته ورجال يهود حوله وفي يدها المصباح. تنظر في وجهه وتحدِّثهم وتقول: أما والله لقد سمعت صوت ابن عتيك, ثم أكذبت نفسي وقلت: أنَّى ابن عتيك بهہذه البلاد؟ .


(١) نوهت بنا: رفعت صوتها تشتهر بنا.
(٢) القبطية: بضم القاف وكسرها نوع من الثياب البيض تصنع بمصر في تلك الأيام.
(٣) يعني وصية الرسول صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها الفدائيين ونهاهم عن قتل النساء والأطفال.
(٤) المنهر: مدخل الماء من خارج الحصن إلى داخله.

<<  <  ج: ص:  >  >>