للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا رأَى النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنه لا بد من القيام بعمل حاسم لدرء خطر هذا اليهودي الشرير، لئلا تتعرض المدينة لغزوة أَحزاب أُخرى قد يصعب على المسلمين النجاة من أَهوالها.

لذلك استدعى ثلاثين من أَصحابه وأَعطى قيادتهم لعبد الله بن رواحة، وأَمره بأَن يتوجه برجاله إلى خيبر، وأَن يتصل أَولًا (بأُسير بن زارم) ويحاول بالطرق السامية إقناعه بالتخلي عن فكرة الحشد ومحاربة المسلمين وأن يجنح للسلم والتفاوض مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ففي أَوائل شهر شوال من تلك السنة تحرك عبد الله بن رواحة في ثلاثين راكبًا نحو خيبر وحتي إذا ما وصلوا مشاوفها بعث الأَمير عبد الله بن رواحة إلى ملكها (أُسَير) بضم أَوله وفتح ثانيه: بأَنه يرغب في مفاوضته ويطلب منه الأَمان والسماح له ولرجاله بدخول خيبر قائلًا: (نحن آمنون - نعرض عليك - ما جئنا له؟ ) فوافق (أُسَير) على طلبهم قائلًا: نعم، ولي منكم مثل ذلك، فقالوا: نعم (١).

وبعد أَن وثق كل من الفريقين بأَمان الآخر، دخل عبد الله بن رواحة برجاله مدينة خيبر ولدى اجتماعه بملكها (أُسَير بن زارم) أَبلغه بأَنه يحمل إليه رسالة شفوية من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وكانت الرسالة تتضمن دعوة ملك اليهود (أُسير) الذهاب إلى المدينة ليقابل النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه لينهوا حالة الحرب القائمة بين الفريقين على أَن يبقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أَميرًا على خيبر ... حيث قال له ابن رواحة: يا أُسير إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثنا إليك لتخرج إليه فيستعملك على خيبر ويحسن إليك (٢).


(١) طبقات ابن سعد الكبرى ج ٢ ص ٩٢.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٦١٨ والحلبية ج ٢ ص ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>