للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرسانها خالد بن الوليد بأَن يربط بمائتين من الفرسان في الطريق الرئيسي بين عسفان ومكة لاعتراض المسلمين ومنعهم من المرور بالقوة .. فإنه - صلى الله عليه وسلم - قرر أن يتحاشى الصدام المسلح مع قومه ما أمكنه ذلك حرصًا منه على حقن الدماء التي ليس شيئًا أبغض إليه من إراقتها بدون مبرر وخاصة في تلك الظروف التي لم يأْت فيها لحرب أَو قتال وإنما جاء فقط لزيارة البيت الحرام.

ولذلك قرر أن لا يمر في طريقه إلى مكة بالطريق الرئيسي الذي يأتي من ناحية الشمال وينتهي عند حدود الحرم جنوبًا عند التنعيم ثم مكة.

غير أنه يظهر أن خالد بن الوليد قائد فرسان المشركين قد سار في طريق التحدى بسرعة مذهلة وبصورة جعلت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أمام امتحان صعب للغاية.

فقد تحرّك خالد بفرسانه من كراع الغميم إلى وادي عُسفان حيث يعسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمسلمين، وقصد خالد من ذلك (دونما شك) هو تحدّي المسلمين وإثارتهم، ومحاولة اقتناص فرصة يتمكن فيها قائد سلاح فرسان مكة من ضرب المسلمين فيها ضربة قاتلة.

وقد كان تصرُّف خالد المتحدي هذا كافيًا لأن يجعل المسلمين يُعجِّلون بالصدام ويقابلون استفزازات خالد المثيرة بالهجوم عليه، لا سيما وأَنه جاءَ في صورة المهاجم المعترض المتحدي .. نعم لقد كان يمكن أن يحدث ذلك من جانب المسلمين، لولا أنهم عرفوا أن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - لا يرغب في مقاتلة قومه ما وجد إلى تجنب هذا القتال سبيلًا. ولهذا كظموا غيظهم أَمام استفزاز وإثارة قائد سلاح فرسان المشركين مع

<<  <  ج: ص:  >  >>