للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ضلوا الطريق إلى الحديبية ثلاث مرات بعد أَن فشل ثلاثة من بني سُليم (العالمين بمسالك المنطقة) في معرفة هذا الطريق، وتحيّروا فيها، بالرغم من أَنه قد سبق لهم أَن مروا بها عدة مرات.

فقد جاءَ في (مغازي الواقدي ج ٢ ص ٥٨٣)، أَن الدليل الأَول (بريدة بن الخصيب الأَسلمي) قاد النبي وأَصحابه في طريق متعرّج كان قد سلكه عدة مرات قبال جبال سراوع قبال الغرب، فسار قليلًا تنكّبة الحجارة وتعلقه الشجر، وحار حتى كأَنه لم يعرفها قط، فقال بريدة: (وكأَنه أَعلن فشله في معرفة الطريق): فوالله إِن كنت لأَسلكها في الجمعة مررًا.

فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حائرًا لا يتوجه، قال له: اركب، ثم نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من رجل يدلنا على طريق ذات الحنظل؟ فنزل حمزة، بن عمرو الأَسلمي فقال: أَنا يا رسول الله أَدلّك، فسار قليلًا ثم سقط بهم في خَمر الشجر فلا يدري أَين يتوجه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اركب، ثم نادى - صلى الله عليه وسلم - مرة أُخرى: من رجل يدلنا على طريق ذات الحنظل، فنزل عمرو بن عبد نهم الأَسلمي فقال: أَنا يا رسول الله أَدلّك، فقال: انطلق أَمامنا، فانطلق عمرو أَمامهم حتى نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى الثنية فقال: هذه ثنيّة ذات الحنظل؟ فقال عمرو: نعم يا رسول الله، فلما وقف على رأْسها تحدّر به. قال عمرو: والله إنْ كان ليهمني نفسي وجدّي، إِنما كانت مثل الشراك فاتسعت لي حتى برزت وكانت محجة لا حبة، ولقد كان النفر يسيرون تلك الليلة جميعًا معطفين من سعتها يتحدثون.

<<  <  ج: ص:  >  >>