للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قبل النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم -، ومن قبل بعض الوسطاء الآخرين، فقد ظل الموقف في الحديبية وفي بلدح (١) متوترًا بل زاده توترًا، أَن قام سبعون من سفهاء المشركين بالتسلل - ليلًا - إلى معسكر المسلمين في الحديبية للعدوان، وتمكنوا من قتل رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد الحكماء وإمام العقلاء لم يقفل باب الأمل في التوصل إلى حلّ سلمي لهذه الأزمة الخطيرة التي بدت مؤشراتها تشير إلى أنها ستتحول إلى حرب ضروس لا تبقي ولا تذر .. حرب أعلن النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - أنه سيعمل على تجنبها ما وجد إلى ذلك سبيلًا.

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليؤكد لأهله وعشيرته نواياه السلمية في مجيئه هذا - قد بعث حال نزوله الحديبية مبعوث خاص إلى قريش، يبلغها - وهي في بلد حسب هذه النوايا وينصحها بالتعقل والتخلي عن فكرة الحرب وكان مبعوثه الخاص هذا -كما تقدم - هو خراش بن أُمية الكعبي ثم الخزاعي.

غير أَن الحمية الجاهلية والعنجهية الوثنية لم تترك فرصة لسادات مكة لينظروا بتعقل في العرض السلمي النبوي الذي حمله إليهم مبعوثه الخاص، فلم يكتفوا برفض هذا العرض السلمي وعدم النظر فيه، بل حاول سفاؤهم قتل حامله خراش بن أُمية، بمجرد علمهم أنه جاءَ يہحمل هذا العرض، فعاد المبعوث النبوي الأول دون أَن يتمكن من إبلاغ قريش هذا العرض السلمي، وقال للنبي - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله ابعث رجلًا - أمنع مني - أي أقوى وأكثر عصبية بين قريش.


(١) هو الوادي الذي كانت قريش فيه بجيوشها أثناء أزمة الحديبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>