للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهجرة، تحرك الرسول - صلى الله عليه وسلم - بجيشه ليسبق المشركين إلى ماء بدر ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه.

وفي أثناء هذا التحرك، حدثت حادثة، تجلت فيها ديمقراطية الرسول (إن صح هذا التعبير)، فقد نزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالجيش بماء من مياه بدر، رأَى أَحد القادة أَنه ليس من المصلحة الحربية النزول فيه، وهذا القائد، هو الحباب بن المنذر الأَنصاري (١)، الذي قال (ناصحًا كخبير عسكرى) يا رسول الله:

أَرأَيت هذا المنزل، أَمنزلا أَنزلكه الله، ليس لنا أَن نتقدمه، ولا نتأَخر؟ أَم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ ؟ .

فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: بل هو الرأي والحرب والمكيدة.

فقال الخبير العسكري (الحباب):

يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأْتى أدنى ماء من القوم فننزله، ثم نغور (أَى نخرّب) ما وراءَه من القلب، ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون.

فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لقد أَشرت بالرأْى"، ونهض بالجيش فسار حتى إذا أَتى أَقرب ماء من العدو، نزل عليه ثم أَمر بالقلب فغوّرت (حسب رأْي الحباب بن المنذر) ثم بنى حوضًا علي القليب الذي نزل عليه فملى ماءً.


(١) هو الحباب بن المنذر بن الجموح الخزرجي الأنصاري، وهو الذي قال يوم السقيفة بعد موت النبي (أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب)، مات في خلافة عمر، وقد زاد على الخمسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>