للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأَمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأَنطاع فبسطت، ثم نادى مناديه: من كان عنده بقيّة من زاد فلينثره على الانطاع. قال أَبو شريح الكعبي (١) فلقد رأَيت من يأْتي بالتمرة الواحدة وأَكثره لا يأْتي بشيء، ويأْتي بالكف من الدقيق، والكف من السويق، وذلك كله قليل، فلما اجتمعت أَزوادهم وانقطعت موادّهم مشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها فدعا فيها بالبركة، ثم قال: قرِّبوا أَوعيتكم فجاؤوا بأَوعيتهم. قال أَبو شريح: فأَنا حاضر، فيأْتي الرجل فيأْخذ ما شاء من الزاد حتى إن الرجل ليأْخذ ما لا يجد له محملًا، فلما ارتحلوا مُطروا ما شاؤوا وهم صائفون، فنزل، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلوا معه، فشربوا من الماءِ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخطبهم، فجاءَ ثلاثة نفر، فجلس اثنان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذهب واحد معرضًا، فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر فتاب الله عليه، وأما الثالث فأَعرض الله عنه.


(١) أبو شريح: اسمه خويلد بن عمرو بن صخر الخزاعي ثم الكعبي، قال ابن حجر في الإصابة: أسلم قبل الفتح، كان يحمل لواء خزاعة يوم الفتح، وروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وله أحاديث، وروى أيضًا عن ابن مسعود، وهو الذي نصح عمرو بن سعيد الأشدق بأن لا يسفك دمًا في الحرم، لأنه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا يحل لأحد أن يسفك بها دمًا - يعني مكة - فقال له عمرو: إن الحرم لا يعيذ عاصيًا، رواه البخاري في صحيحه .. مات أبو شريح بالمدينة سنة ثمان وستين.

<<  <  ج: ص:  >  >>