والأَخير هو زيارة البيت الحرام وهو هدف سلمي محض عَلِمته قريش وتبلغته من المسلمين رسميًّا للإِعذار.
ولكنَّ قريشًا التي كانت كلمة الفصل في كل أمورها (يوم ذاك) للعقلية الوثنية الحمقى، أَبت إلا أن تصدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن زيارة البيت.
فبمجرد علمها بخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من المدينة نفخ الشيطان في مناخر زعمائها المشركين، فأَعلنوا التعبئة العامة واستنفروا كل ما لديهم من قوات عسكرية ثم خرجوا بها إلى ما وراء حدود مكة استعدادًا لمحاربة المسلمين ومنعهم (بحدّ السيف) من زيارة البيت.
فعلوا ذلك بالرغم من أَن المعلومات التي حصلت عليها استخباراتهم، أَكدت لهم أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأَصحابه لم يجيئوا لحربهم وإنما جاؤوا زائرين ومعظمين للبيت العتيق يسوقون الهَدْي بين أيديهم قد ارتدوا ملابس الإحرام ... ولكنها الجاهلية العمياء حادت بالمشركين عن جادة الصواب.
لقد كان خروج قريش بجيوشها ومرابطة خالد بن الوليد بفرسانها على الطريق الرئيسي في كراع الغميم تحديًا مثيرًا واستفزازًا خطيرًا في الإمكان أن يتسبب بسهولة في إشعال نار حرب ضروس بين المسلمين والمشركين على حدود أَو داخل الحرم، تسفك فيها دماءُ غزيرة لا يرغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفكها وتزهق فيها أرواح كثيرة كان - صلى الله عليه وسلم - حريصًا كل الحرص على أَن لا يزهق شيء منها.
لقد كان باستطاعة النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - أَن يتخذ من طغيان قريش وتحدِّيها واستفزازها مبرِّر للدخول معها في صدام مسلح فيمر حيث