للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد روى ابن إسحاق أن سيدى بني النضير (حيى بن أخطب وأخاه ياسر) لما علما بوصول النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما وصل مهاجرًا - ذهبا وقابلاه في (قبَا) ليلة وصوله ولدى هذه المقابلة تأكد لهما من صفاته إنه هو النبي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة .. وبدلا من أن يتبعا الحق الذي عرفاه فيؤمنا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - تأججت نيران الحقد والبغض والحسد له في نفوسهما.

وقد تجسد هذا الحسد والبغض والجحد للحق في مناقشة سرية بينهما عقب انصرافهما من مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في (قُبَاء) فقد سأل ياسر بن أخطب أخاه حييا قائلا أهو، هو؟ (يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -).

حيى: نعم والله.

ياسر: أتعرفه وتثبته؟ ؟

حيى: نعم.

ياسر: فما في نفسك منه؟ .

حيى: عداوته ما بقيت (١).

سمعت هذا النقاش أو الحوار إحدى أمهات المؤمنين صفية بنت حيى بن أخطب وهي لما تزل صبية في المدينة تلعب في مجلس أبيها وعمها (٢).

ولم يحنث سيد بني النضير الخبيث قسمه فقد ظل وكل بني النضير على عداوتهم الشديدة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتركوا سبيلا للكيد للإسلام والتآمر عليه وعلى نبيه بقصد قطع تيار دعوته إلا وسلكوها دونما تردد.

فقد ظل يهود بني النضير (وعلى رأسهم شيطانهم حيى بن أخطب) يثيرون المتاعب ويضعون العراقيل في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصد إطفاء شعلة الدعوة الإسلامية مستغلين تسامح النبي - صلى الله عليه وسلم - والحرية الكاملة التي أعطاهم إياها الإسلام في شؤونهم الخاصة ومتسترين وراء معاهدة التحالف التي أبرمها النبي - صلى الله عليه وسلم - معهم ومع سائر الفئات اليهودية عند قدومه إلى يثرب.


(١) سيرة ابن هشام.
(٢) انظر تفاصيل هذه القصة في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).

<<  <  ج: ص:  >  >>