لشدة ما تقاطر على هؤلاء المسلمين من محن وتحالف ضدهم من بلايا وويلات أخذ بعضها برقاب بعض. . وظلت (طيلة ليالى العدوان الحالكة تلك (تضغط - بضراوة وقسوة - على رئة الكيان الإسلامي دونما أي تراخ حتى كادت تقطع أنفاسه إلى الأبد.
الأمر الذي كان يوحى على نحو ساحق (بالنسبة للواقع المادى المحسوس الماثل على السطح) بأن سقوط المدينة في أيدى قوات الأحزاب واليهود أمر لا مفر منه.
وأن مسألة هذا السقوط، هي مسألة وقت فقط. . قد يمتد لعدة أيام أو ينتهى في خلال ساعات، لأن ميزان مصير المسلمين في تلك الأيام الأخيرة الحالكة، وصلت شوكته حدود الصفر، وأخذت تهتز وكأنها مائلة نحو إعلان نهاية المسلمين.
وما كان يهود خيبر، الرأس المفكر والمدبر لهذا الغزو المرعب المخيف. . ما كان هؤلاء اليهود يشكون لحظة في هذه النهاية التي يشير كل شيء مادي محسوس بأنها محتومة. . وقد كادت تكون كذلك، لولا أن الله تعالى أنقذ المسلمين بمعجزة من عنده، حيث تغير الموقف (في اللحظات الأخيرة من ساعات المصير) لصالح المسلمين فجاة، وعلى خلاف ما كان يتوقع الفريقان المتحاربان كلاهما.
وما زال الموقف آخذًا في التحول عكسًا وبشكل سريع ضد مصلحة اليهود وقوات الأحزاب حتى انفرط عقد تحالفها بعد أن نشب الخلاف والشقاق بين مختلف أجنحتها، فاندحرت بعد أن فكت الحصار عن المدينة تجر خلفها أذيال الهزيمة والفشل تاركة عناصر الخيانة والغدر والتآمر من المسلمون مهم جزاء غدرهم وتآمرهم. والذي أنزلوه فعلًا بيهود بني قريظة حيث أعدم المسلمون من هؤلاء اليهود حوالي ثمانمائة مقاتل وصادروا كل ممتلكاتهم.
وقد فصلنا كل الأحداث التي سبقت وواكبت عمليات الأحزاب في هذا الغزو المخيف، فصلناها في كتابنا (غزوة الأحزاب) وهو الكتاب الثالث من سلسلة معارك الإسلام الفاصلة. كما فصلنا الحملة التأديبية التي