للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاصرهم حتى نزلوا على حكمه، ومنهم من سبى ومنهم من قُتِل صبرًا. . ثم استرسل أبو زينب في شرح فوائد فكرة الاصطدام بالمسلمين خارج القلاع والحصون في معركة سريعة حاسمة، محاولًا إقناع زملائه من القادة بقبول فكرته الجريئة.

غر أن اقتراح أبي زينب هذا لم يلق أي تجاوب من القادة اليهود حيث رفضوه وأيَّدوا فكرة التحصن داخل القلاع ومواجهة المسلمين من وراء أسوارها قائلين: يا أبا زينب إن حصوننا هذه ليست مثل تلك، هذه حصون منيعة في ذرى الجبال، ثم خالفوه (١).

أما الفئة الثالثة فقد ذهبت في الجرأة إلى أبعد مما ذهب إليه الحارث أبو زينب، حيث اقترحت (لا ملاقاة المسلمين خارج حصون خيبر) بل اقترحت هذه الفئة القيام بغزو المسلمين في المدينة، وضربهم فيها قبل أن يتحرَّكوا بقواتهم نحو خيبر.

وكان على رأس هذه الفئة (سلّام بن مشكم النضرى) الذي كان القائد العام للقوات اليهودية في خيبر والذي يقال له في ذلك العصر: (صاحب حربهم) (٢).

فقد ذكر المؤرخون أن سلام بن مشكم قال في اجتماع لهم (محملًا حيي بن أخطب ما أصاب يهود يثرب وخاصة ما حلَّ ببنى قريظة): هذا كله عمل حُييّ بن أخطب شأمنا أولًا، وخالفنا في الرأي، فأخرجنا من أموالنا وشرفنا (٣) وقتل إخواننا (يعني بني قريظة الذين غرر بهم حيي بن أخطب


(١) مغازى الواقدي ج ٣ ص ٦٣٧.
(٢) انظر مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٨٠.
(٣) كان سلام بن مشكم -مع منصبه القيادى الحربى- حبرًا من أحبار اليهود وكان يعلم أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - رسول من عند الله، لذلك كان (حرصًا على سلامة اليهود) يعارض حيى بن أخطب في مشاريعه العدوانية وخططه التآمرية على المسلمين، ومن ذلك أنه الزعيم اليهودى الوحيد الذي عارض فكرة اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - في ديار بني النضير بالمدينة ولكن معارضته رفضت، واتبع بنو النضير رأى حيي بن أخطب فحاولوا الاغتيال، وكان ذان سبب نفيهم من المدينة (انظر كتابنا غزوة الأحزاب ص ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>