للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصبح وجاء علي بن أبي طالب على بعير له حتى أناخ قريبًا وهو أرمد قد عصب عينه بشقة برد قَطَرى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لك؟ قال: رمدت بعدك، قال: ادن منى، فتفل في عينيه فما رجعها حتى مضى لسبيله، ثم أعطاه الراية فنهض بها فأتى مدينة خيبر وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر (١) يمانى وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه، وهو يرتجز ويقول:

قد علمت خيبر أنى مرحَبُ ... شاكى السلاح بطلٌ مجرَّبُ

إذا الليوث أقبلت تلهب ... وأحجمت عن صولةِ المغلَّب

فقال علي:

أنا الذي سمتنى أمى حيدرة ... كالليث غابات شديد القسورة

أكيلكم بالصاع كيل السندرة

قال: فاختلفا ضربتين، فضربه عليّ فقد الحجر والمغفر ورأسه ووقع (السيف) في الأضراس وأخذ المدينة.

وقد عقب الحافظ البزار على قصة بعث أبي بكر وعمر وعدم قدرتهما على الفتح فقال: إن في سياق الحديث غرابة ونكارة وفي إسناده من هو متهم بالتشيّع (٢).

هذه هي خلاصة الأقوال في قصة مقتل مرحب، غير أننا إذا تفحصنا مختلف الروايات ترجع لدينا أَن الذي قتل قائد القوات اليهودية في حصن ناعم (مرحبا) هو الإمام علي، يؤكد هذا الترجيح أن الإِمام مسلم (وإن لم يرو قصة عجز أبي بكر وعمر عن الفتح) إلا أنه روى أن قاتل مرحب هو الإِمام علي بن أبي طالب (٣). وكذلك الإِمام البخاري روى في صحيحه ما يشدّ من أزر رواية مسلم (فبالرغم من أنه لم يرو قصة عجز أبي بكر وعمر عن


(١) المغفر (بكسر أوله وسكون ثانيه) غطاء من الحديد يقنع به الرأس في الحرب.
(٢) البداية والنهاية ج ٤ ص ١٨٩.
(٣) انظر مختصر سيرة الرسول ص ٢٧٢ للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ط دار العروبة .. وانظر صحيح مسلم ذاته طبعة محمد على صبيح ج ٥ ص ١٩٥ في باب غزوة ذات قرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>