للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفة ليس قوم أبعد مدى سهم منهم ولا أعدل رمية منهم، وهم مرتفعون علينا، وهو أسرع لانحطاط نبلهم مع أنه لا أمن من بياتهم (أي عملياتهم الهجومية في الليل) يدخلون في خَمَر النخل تحوّل يا رسول الله إلى موضع برئ من النز ومن الوباء، نجعل الحَرَّة بيننا وبينهم حتى لا ينالنا نبلهم).

وكان المكان الذي عسكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بجيشه بين الشق والنطاة (أول نزوله خيبر) يقال له: (المنزلة) (١) - وكما تقدم تفصيله في هذا الفصل عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - بنصيحة الحباب بن المنذر واتبع مشورته، فتحول بعسكره من المنزلة (أعلى النطاة بينها وبين الشق) إلى وادي الرجيع فجعل فيه معسكر جيشه ومقر قيادته، وصار من هذا الوادي يجرّد حملاله العسكرية ضد اليهود - وما زال كذلك - حتى تمكنت قواته من السيطرة على جميع حصون النطاة وخاصة الحصون الحربية القوية الرئيسية الثلاثة (حصن ناعم، وحصن الصعب بن معاذ، وحصن الزبير).

وباستيلاء الجيش النبوى على حصون هذه المنطقة (النطاة) انتقل النبي - صلى الله عليه وسلم - بجيشه من وادي الرجيع (أسفل النطاة) إلى أعلاها، وهناك وفي المكان الأول الذي اتخذ منه معسكرًا لجيشه يومًا واحدًا فقط (أول نزوله خيبر) .. هناك في (المنزلة) عسكر بجيشه للمرة الثانية، ليدير عملياته الهجومية ضد اليهود في حصون الشق، الواقعة في القسم المتبقى من الشطر الأول من مدينة خيبر.

وكان سبب انتقاله إلى (المنزلة) بين حصون النطاة والشق (المكان الذي اضطر بناءً على مشورة الحباب بن المنذر إلى التخلّى عنه في بداية الحرب) هو أن جيشه (بعد سيطرته على قلاع النطاة) لم يعد واقعًا بين نارين كما كان عندما اتخذ من هذه المنطقة أول معسكر لجيشه، في وقت كانت فيه حصون النطاة المنيعة لا تزال في أيدى اليهود الذين يعتبرون أشجع يهود


(١) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>