للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني واعتصموا مع يهود هذا الشطر بحصونهم الثلاثة (الوطيح والسلالم والقموص) واستعدوا للمقاومة، وظلوا يقاومون ممتنعين بحصونهم حتى ضرّسهم الحصار فاستسلموا، وهنا يختلف الإِمام الواقدي مع الإمام ابن إسحاق، فبينا يذكر ابن إسحاق أن المسلمين افتتحوا حصن (القموص) بقوة السلاح والحصنين الآخرين (الوطيح والسلالم) عن طريق المفاوضة، يذكر الواقدي أن جميع الحصون الثلاثة سلّمها اليهود للمسلمين عن طريق المفاوضة وأن المسلمين لم يقتحموا بقوة السلاح أي حصن من هذه الحصون وإنما فتحت بالرعب الذي قذفه الله في قلوب اليهود بعد الحصار الذي دام ١٤ يومًا. فقد قال الواقدي: (ثم تحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الكتيبة (١) والوطيح وسلالم (حصن ابن أبي الحقيق الذي كانوا فيه)، فتحصنوا فيه أشد التحصن وجاءهم كل فلّ (٢) كان قد انهزم من النطاة والشق، فتحصنوا معهم في القموص (وهو في الكتيبة) وكان حصنًا منيعًا، وفي الوطيح وسلالم، وجعلوا لا يطلعون من حصونهم مغلقين عليهم حتى همّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينصب المنجنيق عليهم لما رأى من تغليقهم، وأنه لا يبرز منهم بارز، فلمَّا أيقنوا بالهلكة - وقد حصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة عشر يومًا سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلح. قال أبو عبد الله: قلت: لإِبراهيم بن جعفر: وجد في الكتيبة خمسمائة قوس عربية.

وقال: أخبرني أبي عمّن رأى كنانة بن أبي الحقيق يرمى بثلاثة أسهم في ثلاثمائة - فيدخلها في هدف شبرًا في شبر، فما هو إلا أن قيل: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أقبل من الشق في أصحابه - وقد تهيأ أهل القموص وقاموا على باب الحصن بالنبل، فنهض كنانة إلى قوسه فما قدر أن يوترها من الرعدة، وأومأ إلى أهل الحصون: لا ترموا! وانقمع، فما رُئِي منهم


(١) الكتيبة: أحد أودية خيبر (نهاية الأرب ج ١٧ ص ٢٦٣، وهو واد خصب به وحده أربعون ألف نخلة.
(٢) الفل (بفتح الفاء) بقايا القوم المنهزمين .. يقال رجل فل، وقوم، فل (الصحاح ص ١٧٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>