للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيام بحرب خاطفة تقوم بها أكثرية ساحقة ضد قلة قليلة كما هي خطة قادة عدوان الأحزاب الثلاثى الفاشل .. فقد اعترف قادة جيوش الأحزاب أن أكبر سبب مادى أحبط خططهم لاحتلال المدينة هو الخندق الذي فوجئوا به حتى قالوا -هم يقفون على مشارفه مدهوشين-: "مكيدة والله ما كان العرب يعرفونها".

٢ - كانت قوات الأحزاب هي المهاجمة .. وكان المسلمون هم المدافعين .. وعادةً يكون المهاجم أكثر كُلْفة .. أما المدافع المتحصن فتكون كُلْفته أقل بكثير من كلفة المهاجم. حتى وإن كانت قواته أقل من قوات المهاجم .. هذا شيء معروف في حساب الموازين الحربية في كل عصر وزمان.

٣ - ومع كون الأحزاب هم المهاجمين فقد كانت نسبة قوات أعدائهم المسلمين المدافعين إلى قواتهم واحدًا لعشرة. بينما كانت نسبتهم إلى اليهود في خيبر واحدًا لخمسة عشر.

٤ - كانت قوات الأحزاب الغازية لفيفًا من الأعراب أكثر هم مرتزقة، ليسوا في مقام الدفاع عن النفس والأهل والولد. كما أنه ليس لهم باعث عقائدى حتى يستبسلوا في القتال. وإنما جاؤوا وشاركوا في هذا الغزو ليحصلوا على المغنم دون أن يتعرَّضوا لأى مغنم يذكر. لذلك رأوا أن ما سيحصلون عليه من غنائم - فيما لو اقتحموا الخندق عنوةً واحتلوا المدينة - لن يساوى شيئًا بالنسبة لما سيفقدون من القتلى بسيوف المسلمين على مشارف الخندق قبل أن يقتحموه. تقاعسوا عن الهجوم على المدينة واكتفوا من الغنيمة بالإِياب.

٥ - أمَّا المسلمون الذين يربضون وراء الخندق. فقد كانوا في قتالهم ينطلقون من مفهوم عقائدى، وهو ما يسمَّى بلغة هذا العصر (بالأيديولوجية) .. فقد كانوا يدافعون (بالإضافة إلى الدفاع عن الحرمات والأعراض والأموال والأرواح) عن كيان وليد .. قيامه وبقاؤه، أعزّ عليهم (في قرارة أنفسهم) من أرواحهم وأبنائهم وأموالهم وهو كيان الإِسلام .. ولذلك (مع احتمائهم بالخندق الحصين) قاتلوا الغزاة بشراسة

<<  <  ج: ص:  >  >>