معركة الأحزاب (الخندق) على ذلك الثلاثى المتحالف، شعر، وشعر أيضًا أعداؤه أن الإِسلام أخذت جذوره تضرب بعيدًا في الأعماق داخل الجزيرة العربية، وكان الخوف والرعب منه قد أخذ ينوش قلوب أعدائه بمختلف فئاتهم.
فأمن جانب غطفان، أخطر أعدائه، وذلك بعد أن أنهكهم بالحملات العسكرية السريعة التي كان يجردها عليهم، وكانت خاتمة المطاف في خضد شوكتهم وإعطائهم درسًا عمليًّا بأن المسلمين أقوى مما يتصور أولئك الأعراب الأقوياء المحاربون الأشداء .. هي فشلهم في عملية الأحزاب العسكرية الشهيرة التي كانت غطفان فيها العمود الفقرى .. ستة آلاف منهم كانوا في قوة الأحزاب البالغ عددها عشرة آلاف حشدها اليهود بغية إنهاء الوجود الإسلامي في السنة الرابعة للهجرة.
-٤ -
ففي السنة الخامسة من الهجرة شعر المسلمون بأن قوتهم الذاتية (بعد اجتياز محنة الأحزاب الرهيبة) قادرة على الصمود والتصدى عسكريًا لأية قوة في الجزيرة، تريد النيل منهم، ومنعهم أيَّ حق يستحقون مباشرته.
وكانوا - منذ هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة - محرومين من زيارة البيت في مكة بسبب الحظر المتعسف الذي فرضته قريش - عندما كانت في مركز القوة - على المسلمين ومنعتهم بموجبه من دخول مكة حتى وإن كانوا معتمرين أو حجاجًا.
ففي هذه السنة تحرك من المدينة ألف وأربعمائة ن المسلمين تحت قيادة الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - متجهين جنوبًا نحو مكة بقصد العمرة (زيارة البيت العتيق)، فصدهم المشركون عند حدود الحرم ومنعوهم من دخوله، فجرت بين الفريقين مراسلات ومفاوضات أدَّت في النهاية (بعدى مشادات كادت تؤدى إلى حرب شاملة) أدَّت إلى ذلك الصلح التاريخي المسمى (صلح الحديبية).