وكان بنو مرة (كما قلنا) من أقوى وأشرس القبائل النجدية. وكانوا أهل نجدة وشجاعة.
فعندما تلقوا نبأ الإِغارة على ديارهم واستياق مواشيهم. تسابق رجالهم ليلحقوا بدورية بشير بن سعد. وفعلًا تمكنوا من ذلك.
فقد أدركت طلائع فرسان بني مرة بشير بن سعد ودوريته على مسافة أميال قليلة من (فدك).
وكان بشير بن سعد قد تبلغ من عيونه (استخباراته) نبأ مطاردة بني مرة لدوريته. فتحصن برجاله.
ووصلت طلائع فرسان بني مرة فبادروا بالهجوم. فقابلهم المسلمون بالسهام من تحصيناتهم. فظل الفريقان يترامون بالنبل حتى حجز الليل بينهم.
وكان بشير ورجال دوريته يعتمدون في الدرجة الأولى على السهام في صد الهجوم. ولكن نبال الدورية لكثرة الترامى نفدت. وأصبح القائد بشير ودوريته في وضع حرج للغاية.
فقد توافد محاربو بني مرة أثناء الليل على مكان المعركة. حتى بلغوا عدة أضعاف رجال الدورية الذين لا يزيدون على ثلاثين رجلًا.
فعندما أصبحوا. وجد بشير بن سعد دوريته محاطة بأعداد هائلة من بني مرة الذين شنوا على الدورية هجومًا من جميع الجهات.
فصار هم رجال الدورية الدفاع عن أنفسهم. فاشتبكوا مع المشركين في قتال مرير ضار. ولكن الكثرة تغلب الشجاعة (كما يقولون).
فقد تمكن نبو مرة من التغلب على رجال الدورية، فأبادوهم جميعًا. ولم ينج منهم سوى رجل واحد هو علبة بن زيد الحارثي.
أما قائد الدورية (بشير بن سعد). فقد قاتل قتالًا مريرًا حتى أثخنته الجراح فسقط بين القتلى لكثرة ما أصابه من النزيف الشديد.
فظنه المريون قد قتل. بعد أن فحصوه فلم يجدوا به حراكًا.
واسترجع المرِّيون كل الشاة والإِبل التي استاقتها دورية بشير بن سعد.