بينهما نزاعًا مسلحًا ظل قائمًا حتى جاءت الجيوش الإِسلامية وأطاحت بحكم الإمبراطوريتين المتخاصمتين في آن واحد.
ويمكن تقسيم الذين كتب إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم إلى الإِسلام من الملوك والأمراء إلى فئات أربع.
الفئة الأولى. هم ملوك وأمراء العرب المستقلين الذين ليس لأحد عليهم سلطان داحل الجزيرة العربية. وهم يدينون بالوثنية التي بها استبدلوا دين التوحيد الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل .. ومن هؤلاء ملك البحرين وملكا عمان وملك حمير في اليمن.
الفئة الثانية. وهم العرب المتنصرة الذين يرتبطون (فيما يشبه الكومنولث) بالتاج البيزنظى في القسطنطينية (اسطنبول) .. والذين يقيمون في منطقة الجولان (١) من سوريا. ويمثلهم الحارث بن شمر الغساني.
الفئة الثالثة .. هم البيزنطيون (الروم الشرقيون) الذين أدخلوا على دين عيسى - صلى الله عليه وسلم - الكثير من التحريفات والتبديلات التي أخرجت عن جوهره النقى الصافى جوهر التوحيد - إلى طقوس ومراسيم تتنافى كليًّا مع قواعد وأصول الدين الذي جاء به عيسى - صلى الله عليه وسلم -. ويمثل هؤلاء الرومان هرقل الذي جاء خطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت المقدس.
الفئة الرابعة. هم الأمة الفارسية التي يمثلها كسرى أبرويز. وهؤلاء كانوا يدينون بالمجوسية فيعبدون النار إلهًا من دون الله.
أما النجاشي ملك الحبشة. فيظهر أن الكتاب الذي بعث به إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن لدعوته إلى الإِسلام وإنما يظهر أنها كانت رسالة تتناول مواضيع أخرى .. لأن النجاشي كان مسلمًا منذ هاجر إليه جعفر بن أبي طالب وأصحابه .. كما يدل على ذلك حديث عمرو بن العاص عن قصة إسلامه كما مضى في هذا الكتاب.
أما المقوقس حاكم مصر (فقد كان نصرانيًّا) يحكم باسم الإِمبراطورية الرومانية رغم أن أصول نصرانية القوقس وكل أقباط مصر تختلف مع أصول
(١) ذكر ذلك المسعودى في كتابه (التنبيه والإشراف ص ٣٦١).