أن يقبلوا نصحه فيدخلوا في الإِسلام، ولكنهم جميعهم عصوه، بل وغضبوا لدعوته هذه. وحاول قادة الجيش أن يطيحوا به من على عرشه. الأمر الذي اضطره إلى أن يظهر لهم خلاف ما يبطن، فيعلن لهم أنه متمسك بالنصرانية، وأنه إنما أراد بما سمعوا منه اختبار تمسكهم بدينهم.
ولكن ميله نحو الإِسلإم ورغبته في اعتناقه ظلتا تسيطران على نفسه، ولكن حرصه على ملكه منعه من أن يفعل فعل النجاشي الذي أعلن إسلامه، رغم معارضة أركان دولته، بل وقيامهم ضده بعصيان مسلح حاولوا به الإِطاحة به. فحماه الله وحرسه من شرهم. فبقى ملكًا في الحبشة على شعب غير مسلم.
ويذكر بعض المؤرخين وأصحاب الحديث. أن الملك هرقل، كتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قد دان بالإسلام، ولكنه لا يستطيع الجهر به، لأنه مغلوب على أمره من قومه، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يقبل منه هذا العذر ففي مسند الإِمام أحمد أن الملك هرقل كتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك أنى مسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذب إنه على نصرانيته، وفي لفظ كذب عدو الله، والله ليس بمسلم. قال الحافظ ابن حجر (رحمه الله) فعلى هذا إطلاق صاحب الاستعاب أنه آمن أي أظهر التصديق لكنه لم يستمر عليه ولم يعمل بمقتضاه، بل شح بملكه وآثر العافية على العاقبة (١).
وفي السيرة الحلبية: قال ابن برهان الدين: كتب هرقل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابًا وأرسله مع دحية الكلبى يقول فيه: إني مسلم ولكننى مغلوب وأرسل بهدية، فلما قرئ الكتاب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: كذب عدو الله ليس بمسلم. وقبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - هديته وقسمها بين المسلمين. قال ابن برهان الدين: ويدل على صدق هذه ارواية أن هرقل قاتل المسلمين في مؤته. وذلك قبل (غزوة تبوك) وعقب تسلمه خطاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -