القُرى. ولم يذكر أحد من المؤرخين السبب الذي اقتضى بعث هذا العدد القليل إلى مسافة أكثر من ستمائة ميل (حيث وصلت هذه البعثة إلى ذات أطلاح من أرض الشام خارج جزيرة العرب).
والذي يغلب على الظن أن كعب بن عمير وأصحابه. كانوا بعثة سلمية مهمتها التبشير بالإِسلام. كلف رجالها بارتياد الأراضي الشامية.
فقد ذكر المؤرخون أن كعب بن عمير تحرك بأصحابه من المدينة حتى انتهوا إلى ذات أطلاح من أرض الشام. وهناك وجدوا جمعا من الناس (لم يحدد المؤرخون هويتهم ويظهر أنهم من الغساسنة المتنصرين) وكانوا كثيرًا .. فاعتدوا على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فدافع الأصحاب عن أنفسهم وقاتلوا القوم أشد قتال ولكن جميع الصحابة الأربعة عشر استشهدوا. ما عدا واحدًا منهم جرج نجا بنفسه أثناء الليل. وتحامل على نفسه حتى أتى المدينة فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد كان الذين اعتدوا على كعب بن عمير وأصحابه. كلهم من الفرسان جاءوا إليهم وأخذوهم على حين غرّة. وكان ابن عمير. قد جاء يدعوهم إلى الإِسلام. فكان جوابهم على الدعوة أن أمطروه وأصحابه وابلا من سهامهم وهاجوهم حتى أبادوهم.
ولما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر شق عليه وقرر أن يبعث قوة من أصحابه لتأديبهم. ولكنه عدل بعد أن بلغه أن هؤلاء المعتدين قد تحولوا إلى موضع آخر (١).
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٣ ومغازى الوقدى ج ٢ ص ٧٥٢ وطبقات ابن سعد الكبرى ج ٢ ص ١٢٧.