للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - وخزاعة من جهة أخرى على إنهاء حالة الحرب بين الفريقين عشر سنوات يأمن الناس فيها بعضهم بعضًا.

ومن حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ الإجراء الحاسم المناسب ضد قريش كرد على هذا العدوان الناسف للصلح.

غير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتخذ أية خطوات للعمل العسكري ضد قريش. وانطلاقًا من قاعدة حرصه على حقن الدماء - حتى وإن كانت دماء أعدائه الذين يطمع في هدايتهم - قرر أن يبعث (أولًا) إلى قريش برسالة مع مبعوث خاص يخيّرُهم بين ثلاثة أمور. إما أن يدفعوا ديات القتلى من خزاعة. وإمَّا أن يبرأوا من حلف نُفاثة - الفخيذة من بني بكر التي هي المسئول الأول عن الغدر والنكث - وإمّا أن ينبذ إليهم على سواء، أي يعلن الحرب الشاملة عليهم. وقد بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى قريش بهذا التخيير العادل. ولكن قريشا رفضت كلا الحلين العادلين وقبلت الحرب.

ورواية التخيير هذه لم يروها أحد من أصحاب السير والمغازى غير الإِمام الواقدي. فقد قال في كتابه المغازي ج ٢ ص ٧٨٦. وقد سمعنا وجهًا من أمر خزاعة لم أر عليه الناس قبلنا ولا يعرفونه، وقد رواه الثقات ومخرجه الذي رُد إليه ثقة مننع فلم أر أحدًا يعرف له وجهًا. وذكرته لابن جعفر ومحمد بن صالح ولأبي معشر وغيرهم ممن له علم بالسيرة فكلهم ينكره ولا يأتي له بوجه .. غير أن الواقدي يؤكد صحة هذه الرواية فيقول:

وكان أول الحديث أنه حدثني الثقة عندي، أنه سمع عمرو بن دينار يخبر عن ابن عمر (١)، أنه لما قدم ركب خزاعة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بمن قتل منهم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فمن تهمتكم وطلبتكُم؟ قالوا: بنو بكر. قال: كلها؟ قالوا: لا، ولكن تهمتنا بنو نُفاثة قصرة، ورأس القوم نوفل بن معاوية النُّفاثي. قال: هذا بطن من بني بكر وأنا باعث إلى أهل مكة فسائلهم عن هذا الأمر ومخيرهم في خصال.


(١) انظر ترجمة عبد الله بن عمر في كتابنا (غزوة أحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>