للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - بأقوال هذا الجاسوس وصدقه فيما يقول: إلا أنه زيادة في الاحتياط أمر القائد خالد بن الوليد بالتحفظ عليه، لئلا يكشف للعدو أمر تحرك المسلمين. فاعتقله خالد حتى دخل الجيش النبوى مكة. وهناك أسلم هذا الجاسوس باختياره، وقتل شهيدًا في معركة حنين.

قال الواقدي: حدثني معاذ بن محمد. عن عبد الله بن سعد، قال: لما راح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العرج تقدمت جريدة (١) من خيل (طليعة)، تكون أمام المسلمين، فلما كانت بين العرج والطلوب أتوا بعين (٢) من هوازن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله رأيناه حين طلعنا عليه وهو على راحلته، فتغيب عنا في وَهْدة (٣) ثم جاء فأوفى على نشز (٤) فقعد عليه، فركضنا إليه فأراد يهرب منا، وإذا بعيره قد عقله أسفل من النشز وهو يغيبه فقلنا: ممن أنت؟ قال: رجل من بني غفار، فقلنا: هم أهل هذا البلد، فقلنا من أي بني غفار أنت؟ فعيى (٥) ولم ينفذ لنا نسبًا، فازددنا به ريبة، وأسأنا به الظن. فقلنا: فأين أهلك؟ . فقال: قريبًا وأومأ بيده إلى ناحية. قلنا: على أيّ ماء، ومن معك هناك؟ فلم ينفذ لنا شيئًا، فلما رأينا ما خلط، قلنا: لتصدقنا أو لنضربن عنقك. قال: فإن صدقتكم ينفعنى ذاك عندكم قلنا: نعم.

قال: فإني رجل من هوازن من بني نَصْر، بعثتنى هوازن عينًا. وقالوا: ائت المدينة حتى تلقى محمدًا فتستخبر لنا ما يريد في أمر حلفائه، أيبعث إلى قريش بعثا أو يغزوهم بنفسه؟ ولا نراه إلا يستغورهم. فإن خرج سائرًا وبدث بعثًا فسِرْ معه حتى تنتهي إلى بطن سرف (٦)، فإن كان يريدنا أولًا فيسلك في بطن سَرف حتى يخرج إلينا، وإن كان يريد قريشًا فسيلزم الطريق.


(١) قال في أساس البلاغة: الجريدة من الخيل، وهي التي جردت من معظم الخيل لوجه.
(٢) العين هنا هو الجاسوس.
(٣) الوهد (بفتح أوله وسكون ثانيه) المنخفض من الأرض.
(٤) النشز (بفتح أوله وثانيه) المرتفع من الأرض.
(٥) عيى في كلامه لم يفصح والعى (بكسر العين) ضد البيان.
(٦) سرف (بفتح أوله كسر ثانيه) موضع على ستة أميال من مكة من طريق مرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>