للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعيمها أبي سفيان بن حرب - فقد أجاب عمه العباس بن عبد المطلب إلى ما طلب من إعطاء الأمان لابن عمه أبي سفيان بن حرب الذي كان العباس قد وعده به عند الأراك حينما نصحه بأن يصحبه لمقابلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مقر قيادته.

ولنترك الإِمام الطبري يروى لنا هذه الحادثة التاريخية التي بنجاح مساعى العباس الخيرة فيها نجت مكة من ويلات حرب مدمرة كانت ستبيد خضراء قريش لولا أن الله ألهم أبا سفيان بن حرب فاستجاب لنصائح صديقه وابن عمه العباس بن عبد المطلب. فأسلم أولًا ثم ذهب إلى مكة فيما بعد يحث قومه على إلقاء السلاح وعدم مقاومة الجيش الزاحف.

قال الطبري في كتابه المسمى "تاريخ الرسل والملوك ج ٣ ص ٥٣": إن أبا سفيان بن حرب بعد أن أخبره العباس "في ظلام الليل بضواحى مكة عند الأراك" أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرابط في الضواحى بجيش لا قبل لقريش به "عشرة آلاف مقاتل" قال العباس: فداك أبي وأمى فيما تأمرنى؟ فقال العباس: قلت تركب عجز هذه البغلة أستأمن لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوالله لو ظفر بك ليضربن عنقك. قال العباس فردفنى فخرجت به أركض بغلة رسول الله نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين ونظروا إلى قالوا: عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلة رسول الله، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب، فقال: أبو سفيان؟ الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد. ثم اشتد نحو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وركضت البغلة، وقد أردفت أبا سفيان حتى اقتحمت على باب القبة وسبقت عمر بما تسبق به الدابة البطيئة الرجل البطئ، فدخل عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان عدو الله، قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد، فدعنى أضرب عنقه. فقلت يا رسول الله إني قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت برأسه فقلت: والله لا يناجيه اليوم أحد دونى. فلما أكثر فيه عمر، قلت: مهلا يا عمر فوالله ما تصنع هذا إلا لأنه رجل من بني عبد مناف، ولو كان من بني عدى بن كعب، ما قلت هذا. فقال عمر: مهلا يا عباس، فوالله لإِسلامك يوم أسلمت كان أحب

<<  <  ج: ص:  >  >>