للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجه هند ابنة عتبة بن ربيعة بن عبد شمس التي ما كادت تسمع في عوة زوجها قومه إلى الاستسلام للجيش الإِسلامي الغازى حتى قبحته وهجمت عليه تجرُّه من شنبه داعية أهل مكة إلى قتله، وقد أيدها في معارضتها فئة من القرشيين مثل عكرمة بن أبي جهل.

غير أن المعارضة لأبي سفيان كانت (على عنفها) قليلة بحيث ضاع صوتها وسط أصوات الأغلبية الساحقة من أهل مكة الذين استجابوا لسيدهم أبي سفيان، بعد أن استصوبوا رأيه وعلموا إخلاصه وصدقه فيما نصحهم به، فسارعوا إلى تنفيذ كل التعليمات والأوامر التي ألقى بها إليهم، قبل أن يصل الجيش النبوي مكة.

فقد أفاد المؤرخون، أن أبا سفيان لما عاد من المعسكر النبوي (وكان على بعد أربعة أميال من مكة) صرخ في قريش بأعلى صوته: يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة فأخذت برأسه، فقالت: ما وراءك؟ . قال: ما ورائى؟ هذا محمد في عشرة آلاف عليهم الحديد، جعل لي: من دخل دارى فهو آمن، فقال له بعضهم: قبَّحك الله، وما تُغنى عنا دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن.

فكانت زوجته هند تقول وقد أخذت بشاربه: قبحك الله رسول قوم، يا آل غالب اقتلوا الشيخ الأحمق الذي لا خير فيه، قبح من طليعة قوم، ثم حرضت قريشًا على المقاومة قائلة: هلا قاتلتم ودافعتم عن أنفسكم وبلادكم، فقال أبو سفيان: ويحك اسكتى وادخلى بيتك، ثم خاطب الجماهير القرشية قائلًا: ويلكم، لا تغرنكم هذه من أنفسكم، رأيت ما لم تروا، رأيت الرجال والكُراع والسلاح، فلا لأحد بهذا طاقة، فإنه قد جاءكم ما لا قبَل لكم به (١).


(١) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٤٧ تاريخ الطبري ج ٣ ص ٥٤ ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٢٢ وما بعدها، والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٠ وما بعدها، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٥ وما بعدها وتاريخ ابن عساكر. ترجمة أبي سفيان بن حرب وصحيح البخاري ج ٥ وزاد المعاد ج ٤ وجوامع السيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>